responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا    جلد : 1  صفحه : 195
العادل، والتواضع الفاضل، والتآلف العجيب، والمنطق السليم الدقيق، إنه اتّخذ ملة إبراهيم حدّا وسطا، ورضيها فى موطن الخلاف حكما، ووصل نفسه بها، وجعلها له شعارا ونسبا ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً [النحل: 123]، مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هذا [الحج: 78] ثم دعا إلى تقديس كل نبىّ سبق، وتصديق كل كتاب نزل، والإيمان بكل وحى على هذه الأرض هبط، واحترام كل شريعة جاء بها رسول من ربّ العالمين، وهو فى هذا لم يأت أهل الملتين بجديد، فإبراهيم أبوهم نسبا، ومرجعهم دينا، وقد آمن إسرائيل بملة إبراهيم من قبل، وآمنوا هم بملة إسرائيل من بعد، وإبراهيم حكم مرضى، فبأىّ حجة يخالفون؟ ولأى معنى يتوقفون؟
واسمع نظم الآيات الكريمة، واملأ بهذا الجرس العجيب أذنك وقلبك: وَقالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (135) قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى وَما أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ [البقرة: 135، 136].
وانظر كيف يدعو القرآن بهذه الدعوة فى غير تحد مثير، ولا عصبية جارحة، ولكن فى منطق هادئ رزين، وإقناع واضح مبين، يكشف للناس عن الحقيقة التى لا مناص منها، وهى أن وحدتهم الروحية لا تتم إلا على هذا الأساس السليم البرىء من عصبية الأشخاص والعناصر، العالى عن عالم الأرض وما فيه، لأنه من الله وحده، ولله وحده، وأنهم وإن اهتدوا بهذا الهدى فقد وصلوا إلى ما يريدون، وإن امتنعوا عليه، فهم فى خلافهم سادرون، والله من ورائهم محيط، وتأمل لفظ القرآن فى هذا فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما هُمْ فِي شِقاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (137) صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عابِدُونَ [البقرة: 137، 138].
وبهذا القول الفصل، والكلام الجزل، والمنطق العجيب، يحل الإسلام مشكلة الخلاف بين الأديان، ويعلن وحدة العقيدة بين بنى الإنسان ما لو كانوا يعلمون.

نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا    جلد : 1  صفحه : 195
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست