responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا    جلد : 1  صفحه : 172
أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ [البقرة: 75]، فهؤلاء وأمثالهم لا يمكن أن تنفع فيهم موعظة أو تشرق أرواحهم بحقائق الإيمان.
كما أنّ من النفوس البشرية المشرق المستنير اللين المستعد لتلقى الحق والإذعان له، وهو من الشفافية والصفاء والإشراق بحيث يدرك الحقائق بحاسة أخرى هى فوق الحسّ والشمّ والذوق والسمع والبصر، وفى هؤلاء وأمثالهم يقول الحق تبارك وتعالى: اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ ذلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ [الزمر: 24].
ولا ينكر هذا التفاوت فى طبائع النفوس البشرية إلا جاحد مكابر من الصّنف الأول، فإنه مشاهد ملموس.
فالمراد بالذين يؤمنون بالغيب: هو هذا الصنف المشرق الشفاف من النفوس الطيبة اللينة؛ الحسنة الاستعداد لتقبل الحقائق وإن جاءتها عن غير طريق الحواس.
قال الأستاذ الإمام [1] فى هذا المقام ما نصّه: (وصاحب هذا الاعتقاد واقف على طريق الرشاد، وقائم على أول النهج، لا يحتاج إلا إلى من يدله على المسلك، ويأخذ بيده إلى الغاية؛ فإن من يعتقد بأن وراء المحسوسات موجودات يصدق بها العقل- وإن كان لا يأتى عليها الحس- إذا أقمت له الدليل على وجود فاطر السماوات والأرض المستعلى عن المادة ولواحقها، المتّصف بما وصف به نفسه على ألسنة رسله، سهل عليه التصديق، وخفّ عليه النظر فى جلىّ المقدمات وخفيها، وإذا جاء الرسول بوصف اليوم الآخر أو بذكر عالم من العوالم التى استأثر الله بعلمها كعالم الملائكة- مثلا- لم يشق على نفسه تصديق ما جاء به الخبر بعد ثبوت النبوة، لهذا جعل الله سبحانه هذا الوصف فى مقدمة أوصاف المتقين الذين يجدون فى القرآن هدى لهم.
وأما من لا يعرف من الموجود إلا المحسوس، ويظن أن لا شىء وراء المحسوس وما اشتملت عليه، فنفسه تنفر من ذكر ما وراء مشهوده أو ما يشبه مشهوده، وقلّما تجد

[1] أى الشيخ محمد عبده رحمه الله.
نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا    جلد : 1  صفحه : 172
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست