نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا جلد : 1 صفحه : 163
القرآن الكريم وأحقيته:
(ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) والمراد بالكتاب: القرآن الكريم. والريب: الشك.
فالآية تقرر أن هذا القرآن من شأنه الحق والصدق، فلا يصح أن يخالط أحدا الشك فى صدقه وأحقيته وأنه من عند الله تبارك وتعالى، وأن ما فيه هو الخير والهداية للناس.
وقد يقف بعض القرّاء على (لا رَيْبَ) ويستأنف القراءة بما بعدها فيقرأ: (فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) وهو توجيه متكلّف، وإن صحّ المعنى، ويضعفه ما جاء فى فاتحة سورة السجدة (الم. تَنْزِيلُ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ) إذ لا يحتمل المعنى الاستئناف فيها كما احتمله فى الأول.
وقد تكرّرت الإشارة إلى أحقيّة القرآن وصدقه وفضله وبركته وإعزازه وسلامته فى كثير من الآيات مثل قوله تعالى: وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ (41) لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ [فصلت: 41]، كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ [ص: 29]، وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ [فاطر: 31].
كما أشارت الآيات أيضا إلى الأدلة المعقولة المقبولة على هذا الصدق، ونفى الرّيب والشك والظّنّة فى مواضع كثيرة، ومن هذه الأدلة: استقامة نظمه وانسجام معانيه وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً [النساء: 82]. وذلك يتضح بإمعان النظر وكثرة التدبر.
ومنها: إعجازه البالغ المحيط الشامل مع التحدى الثابت الدائم قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً [الإسراء: 88]. وسنفرد لهذا بابا خاصا فى هذا التفسير- إن شاء الله- عند أول مناسبة [1]. [1] عاد الإمام البنا لموضوع أحقية القرآن مرة أخرى عند تفسيره لسورة الرعد، فى الآية الأولى منها قوله تعالى: المر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ [الرعد: 1].
نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا جلد : 1 صفحه : 163