نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا جلد : 1 صفحه : 119
[6 - الإضرار الناجمة عن الترجمة]
أما الأسباب التى توجب عدم إنفاذه فكثيرة، وإليك بعضها:
أ- مهما حسنت النية فى هذا الأمر، فهو هجوم بصفة رسمية على كتاب الله يخرق سياج الحرمة، ويفتح الباب لمن أراد العبث، ونحن فى عصر أهواء وفتن، مات فيه الوازع، وضعف فيه القائم، وعمّت الفوضى، وركب كل إنسان رأيه، وزاحم الجهلة العلماء بالمناكب، ولأن يظل هذا الباب مغلقا خير من أن يفتح فيولج بحسن قصد، أو بسوء قصد.
وقد علّمتنا التجارب: أنّ الإقدام على الأمر اليسير يكون ذريعة إلى الإقدام على كثير، ولسنا نخاف على القرآن تغييرا أو تبديلا، فقد تكفّل الله له بالحفظ، ولكنّا نعلم مع هذا أن الزمن لا بد أن يعمل عمله، ولعل من حفظ الله للقرآن: أن يرفعه إذا أعرض الناس عنه، ولعل من رفعه: أن يستبدل الناس به سواه، وهم يظنونه كتاب الله. ولسنا نغرق فى التشاؤم، ولكنّا نضع فى حسابنا احتمالا جائزا فى المستقبل مهما كان بعيدا.
ب- إنّ الصلة بين الأمم المسلمة غير العربية كالهنود والأفغان؛ وبين الأمم المسلمة العربية من جهة؛ وبين تلك الأمم وبين ثقافة الإسلام من جهة أخرى، تعتمد فى وجودها على القرآن العربى الكريم، ويستطيع أن يدرك هذا المعنى واضحا كل من جمعته الظروف ببعض إخوانه من أبناء هذه الأمم، فيرى كيف تكون الآية العربية من كتاب الله رابطة روحية تهشّ لها قلوب الجميع، ويفقهها الجميع، ويتفاهم على أساسها الجميع، فإذا ترجم القرآن إلى اللغات الأخرى: انقطع هذا الخيط بين المسلمين فى أقطار الأرض.
وإذا علمنا أنّ معظم شعوب الإسلام الآن تحت حكم الفرنجة، وهؤلاء المستعمرون الأجانب يحاولون بكل سبيل أن يقطعوا الصلة بين الشعوب الإسلامية المحكومة وبين اللغة العربية، كانت ترجمة القرآن على نسقه وترتيبه تسهيلا لمهمة هؤلاء المستعمرين، وتمهيدا للوصول إلى غرضهم، وحجّة فى أيديهم يتقدمون بها إلى المتبرّمين بثقافتها.
ج- إننا الآن مغلوبون للغرب، وللمغلوب ولع بتقليد الغالب، والغرب يعمل دائبا على إحياء ثقافته بيننا، وقد أثّرت كل هذه الحوادث فى مجتمعنا الإسلامى، وبلغ الإعجاب بلغات الغرب فى نفوس أبنائنا حدّا كبيرا، بل تغلغل فى كثير من البيوت حتى
نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا جلد : 1 صفحه : 119