وهناك مذهب ثالث: أن المشرك نجس حياً، وميتاً لقوله سبحانه: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ}، ولقول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: [إِنّ المُؤْمِنَ لا يَنْجُسُ] ومفهومه: إن الكافر نجس حياً، وميتاً.
اعترض عليهم باعتراضات وجيهة منها: إن نساء أهل الكتاب يحل لنا نكاحهنَّ، وإذا جاز لنا نكاحَهنَّ فإنه لا بد من مخالطة، فكيف نخالط النجس؟!
كذلك اُعترضَ عليهم بقصة ثُمامةَ بنِ أثالٍ الحنفىّ رضي الله عنه، فإنه -رضي الله عنه- أخذتهُ خَيلُ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو ماضٍ إلى العُمرة فأَمر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِربطهِ في المسجدِ، قالوا: ولو كان نَجِساً لما أدخله النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المسجد، هذا بالنسبة للاعتراضات التي اُعترض بها عليهم.
وأجيب عنها: بأنّ النّص بالنجاسة في قوله سبحانه: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [1] ورد في المشركين ولم يرد في عموم الكفار، إذ لو كان أهل الكتاب داخلين فيها لقال: إنما الكفار نجس، لكنه قال: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ} َ، ووجدنا أن القرآن يفرق بين المشركين، وأهل الكتاب كما في قوله تعالى: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} [2] فلما فرق بينهم علمنا أن قوله: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ}، المراد به عبدة الأوثان والذين لا دين لهم سماوي. [1] التوبة، آية: 28. [2] البينة، آية: 1.