[في غيرِ مائع، ومطعومٍ]، وأما على مذهب المالكية، والظاهرية الذي قدمنا رجحانه فإن العبرة بالتغيّر، فإن حصل تغيّر لم يُعفَ، وإلا كان عفواً، والمائع طاهر، وطهور بحسبه.
وإذا قلنا: إن يسير الدم معفو عنه؛ فإنه يرد السؤال هل يلتحقُ بغيرِ الدّم غيرُه؟ فمن العلماء من قال: أقْصُر الرّخصةَ على محلّها، فأعفو عن الدم وحدَه، لأنه هو الذي دل عليه دليل الكتاب، وهو الذي فعله الصحابة -رضوان الله عليهم- فيبقى غيره على الأصل.
وقال بعض العلماء: ما دامت العلّة التخفيف، وأن اليسير لا يأخذ حكم الكثير، فنطرد ذلك في كل نجاسة، فنقول: يسير النجاسة معفو عنه سواء كان دماً، أو غيره، والمذهب الأول: أرجح، لإعماله لدليل الأصل، وقصر الرخصة على محلِّها، وعليه فإن الحكم باستثناء اليسير يختصّ بالدم وحده، ولا يلتحقُ به غيره من النّجاسات؛ كيسير المَذْي، والودْي، والبول، والغائط، فكلُّها باقيةٌ على الأصل لضعف دليل الإستثناء.
قوله رحمه الله: [وعن أَثَرِ استجمارٍ بمَحَلِّهِ]: أي: يُعفى عن أثر استجمار في محلِّه، والمحلُّ المراد به: مخرج البول، والغائط، ومن المعلوم أن الإنسان إذا قضى حاجته؛ فإنه ربما غسل بالماء، وربما استجمر بالحجارة، أما لو غسل بالماء؛ فبالإجماع: أنه يجب عليه غسل الموضع، وإنقاؤه هذا إذا كان بالماء.
أما إذا تطهّر بالحجارة فمن المعلوم أن إنقاء الحجارة للموضع ليس كإنقاء الماء، بل لا بد من بقاء أثر للنجاسة في الموضع فخفّف الشرع في هذا الأثر اليسير