أما علة من قال: إن بول الجارية أثقل من بول الغلام فهذا لم يسلّم به حتى إن بعض الأطباء أكدّ ردّه وعدم صحّته.
وأما التعليل بالإنتشار، وعدمه، فضعيف لأنه لا فرق في النّجس بين كونه منتشراً، أو غير منتشر فالقطرة من البول منجّسة، سواء انحصرت، أو انتشرت، فالحكم واحد، ثم إن كلا البولين سينتشر بالسّريان فاستوى أن يكون في حاله الأول منتشراً، أو غير منتشر.
وأقوى العلل هي قولهم: إن الشرع خفف في بول الغلام أكثر من الجارية؛ لأنهم كانوا يحملون الغلمان أكثر من الجواري في محضر الناس، فتجدهم يحملون الغلمان، لأنهم يستحيون وكانوا يتعاطون الكمال في إخفاء المرأة حتى في حال الصّغر، فكانوا يحملون الصبيان، ويحضرونهم المجالس أكثر، وقد يحضرون الصبية كما في حديث أُمامة لما حملَها النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولكنّه نادر، والحمل أكثر ما يكون للذكور بالنسبة لمجامع الناس، فخُفّف من أجل المشقة في الصبيان أكثر من الجواري غالباً.
هذا بالنسبة لقضية بول الغلام، وبول الجارية.
وإذا قلنا إن الحكم يختص بالبول، فإنه لا يسري إلى غيره كالدّم مثلاً؛ لأن الحكم جاء على سبيل الإستثناء فانحصر في الوارد، ولم يلتحق به غيره.
قوله رحمه الله: [ويُعْفَى في غيرِ مَائعٍ، ومطْعومٍ عنْ يَسيرِ دَمٍ نَجِسٍ منْ حَيوانٍ طَاهرٍ]: بيّن المصنف رحمه الله في هذه العبارة بعض المستثنيات في باب إزالة النجاسة، وهو يسير الدم، وأن محلّ الإستثناء ألا يكون في مائع، ومطعوم، والدّم نجس، وهو قول جاهير العلماء -رحمة الله عليهم-