للعالم صحبة شكلية للخدمة، لكن أن ينتفع بعلمه، ويستفيد من ورعه وتقواه لا تجد لذلك أثراً حتى -والعياذ بالله- يفسد عليه دينه.
والمنبغي أن يحمل الإنسان نفسه على أتم الوجوه، وأقربها إخلاصاً لله -جل وعلا-، خرج عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- من المسجد فخرج معه أصحابه يشيّعوه قال: مالكم؟ قالوا: رأيناك تسير وحدك فأردنا أن نشيّعك، قال: (إليكم عنّي إنها فتنة للتابع، والمتبوع) هذا عبد الله بن مسعود في عصر الخيرية، وفي القرون المفضلة يقول: إنها فتنة للتابع أي: أن الإنسان إذا سار مع العالم، دون أن يسأله، ودون أن يستفيد من علمه ذلك فتنة للتابع بالإغترار بالصحبة، ورؤية الناس له مع أهل الفضل، وأيضاً فتنة للمتبوع أي: أن العالم ربما دخله الغرور برؤية من حوله ممن يشيّعه، ويسير معه.
ولذلك الأسلم والأكمل أن الإنسان يتورع وإذا نظر الله إليك قد حباك العلم والفضل لا تهين عباده ولا تأخذ منهم أجراً ولا جزاءً ولا شكوراً كَمُلَ أجرك عنده -جل وعلا-، ولذلك قال تعالى: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} وقال تعالى: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} [1] لكن لا يعني هذا التحريم، والمنع ولكن نقول: أن الإنسان إذا خشي الفتنة على نفسه، أو على من معه، فإنه ينبغي عليه أن يتورّع، وهذه المسألة أحبُّ أن أُنبه عليها؛ لأنه حصل فيها كثير من الدَخَل، فلقد رأينا كثيراً من طلاب العلم [1] ص, آية: 86.