responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) نویسنده : ابن عابدين    جلد : 4  صفحه : 161
لِمَا أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَشْيَاءِ التَّوَقُّفُ، وَالْإِبَاحَةُ رَأْيُ الْمُعْتَزِلَةِ، بَلْ؛ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ مِنْ جُمْلَةِ الْأَحْكَامِ الْمَشْرُوعَةِ وَهُمْ لَمْ يُخَاطَبُوا بِهَا فَبَقِيَ فِي حَقِّهِمْ مَالًا غَيْرَ مَعْصُومٍ فَيَمْلِكُونَهُ كَمَا حَقَّقَهُ صَاحِبُ الْمَجْمَعِ فِي شَرْحِهِ وَيُفْتَرَضُ عَلَيْنَا اتِّبَاعُهُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا تَقَرَّرَ مِلْكُهُمْ

(وَإِنْ غَلَبْنَا عَلَيْهِمْ) أَيْ بَعْدَ مَا أَحْرَزُوهَا بِدَرَاهِمَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَنَا أَنَّ الِاسْتِيلَاءَ وَرَدَ عَلَى مَالٍ مُبَاحٍ؛ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ فِي الْمَالِ إنَّمَا ثَبَتَتْ عَلَى مُنَافَاةِ الدَّلِيلِ، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: 29]- فَإِنَّهُ يَقْتَضِي إبَاحَةَ الْأَمْوَالِ وَعَدَمَ الْعِصْمَةِ لَكِنَّهَا ثَبَتَتْ لِضَرُورَةِ تَمَكُّنِ الْمَالِكِ مِنْ الِانْتِفَاعِ، فَإِذَا زَالَتْ الْمُكْنَةُ بِالِاسْتِيلَاءِ وَتَبَايُنِ الدَّارَيْنِ عَادَ مُبَاحًا كَمَا كَانَ اهـ مُوَضَّحًا مِنْ الْعِنَايَةِ وَالْفَتْحِ.
مَطْلَبٌ فِي أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَشْيَاءِ الْإِبَاحَةُ (قَوْلُهُ لِمَا أَنَّ الصَّحِيحَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ الْمَارَّ عَنْ الْهِدَايَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَشْيَاءِ الْإِبَاحَةُ وَهُوَ رَأْيُ الْمُعْتَزِلَةِ، وَالصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ الْأَصْلَ فِيهَا الْوَقْفُ حَتَّى يَرِدَ الشَّرْعُ، بَلْ الْوَجْهُ أَنَّ الْعِصْمَةَ ثَابِتَةٌ بِخِطَابِ الشَّرْعِ عِنْدَنَا، فَلَمْ تَظْهَرْ الْعِصْمَةُ فِي حَقِّهِمْ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ هُمْ مُخَاطَبُونَ بِالشَّرَائِعِ، فَظَهَرَتْ الْعِصْمَةُ فِي حَقِّهِمْ فَلَا يَمْلِكُونَهَا بِالِاسْتِيلَاءِ هَذَا حَاصِلُ مَا فِي الْمَنْبَعِ شَرْحِ الْمَجْمَعِ. أَقُولُ: وَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ وُجُوهٍ. الْأَوَّلُ: أَنَّ مَا مَرَّ عَنْ الْهِدَايَةِ لَيْسَ مَبْنِيًّا عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ الْإِبَاحَةُ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ الْمَذْكُورَ فِيهِ إنَّمَا هُوَ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ، وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ إنَّمَا أَثْبَتَ الْإِبَاحَةَ بَعْدَ وُرُودِ الشَّرْعِ بِمُقْتَضَى الدَّلِيلِ يَعْنِي أَنَّ مُقْتَضَى الدَّلِيلِ إبَاحَتُهَا، لَكِنْ ثَبَتَتْ الْعِصْمَةُ بِعَارِضٍ، وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي أُصُولِ الْبَزْدَوِيِّ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ وُرُودِ الشَّرْعِ الْأَمْوَالُ عَلَى الْإِبَاحَةِ بِالْإِجْمَاعِ مَا لَمْ يَظْهَرْ دَلِيلُ الْحُرْمَةِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبَاحَهَا بِقَوْلِهِ - {خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: 29]-.
الثَّانِي: أَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِالْإِيمَانِ وَبِالْعُقُوبَاتِ سِوَى حَدِّ الشُّرْبِ وَبِالْمُعَامَلَاتِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْعِبَادَاتِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ أَوَائِلَ الْجِهَادِ. الثَّالِثُ: أَنَّ قَوْلَهُ فَلَمْ تَظْهَرْ الْعِصْمَةُ فِي حَقِّهِمْ أَيْ هُوَ مُبَاحٌ لَهُمْ فَفِيهِ رُجُوعٌ إلَى الْقَوْلِ بِالْإِبَاحَةِ كَمَا أَفَادَهُ ط. الرَّابِعُ: أَنَّ نِسْبَةَ الْإِبَاحَةِ إلَى الْمُعْتَزِلَةِ مُخَالِفٌ لِمَا فِي كُتُبِ الْأُصُولِ، فَفِي تَحْرِيرِ ابْنِ الْهُمَامِ الْمُخْتَارُ الْإِبَاحَةُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ اهـ وَفِي شَرْحِ أُصُولِ الْبَزْدَوِيِّ لِلْعَلَّامَةِ الْأَكْمَلِ قَالَ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا وَأَكْثَرُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ إنَّ الْأَشْيَاءَ الَّتِي يَجُوزُ أَنْ يَرِدَ الشَّرْعُ بِإِبَاحَتِهَا وَحُرْمَتِهَا قَبْلَ وُرُودِهِ عَلَى الْإِبَاحَةِ، وَهِيَ الْأَصْلُ فِيهَا حَتَّى أُبِيحَ لِمَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ الشَّرْعُ أَنْ يَأْكُلَ مَا شَاءَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ مُحَمَّدٌ فِي الْإِكْرَاهِ حَيْثُ قَالَ: أَكْلُ الْمَيْتَةِ وَشُرْبُ الْخَمْرِ لَمْ يُحَرَّمَا إلَّا بِالنَّهْيِ، فَجَعَلَ الْإِبَاحَةَ أَصْلًا وَالْحُرْمَةَ بِعَارِضِ النَّهْيِ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُبَّائِيُّ وَأَبِي هَاشِمٍ وَأَصْحَابِ الظَّاهِرِ. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَبَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَمُعْتَزِلَةُ بَغْدَادَ: إنَّهَا عَلَى الْحَظْرِ وَقَالَتْ الْأَشْعَرِيَّةُ وَعَامَّةُ أَهْلِ الْحَدِيثِ: إنَّهَا عَلَى الْوَقْفِ حَتَّى أَنَّ مَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ الشَّرْعُ يَتَوَقَّفُ وَلَا يَتَنَاوَلُ شَيْئًا فَإِنْ تَنَاوَلَ لَمْ يُوصَفْ فِعْلُهُ بِحِلٍّ وَلَا حُرْمَةٍ وَقَالَ عَبْدُ الْقَاهِرِ الْبَغْدَادِيُّ تَفْسِيرُهُ لَا يَسْتَحِقُّ ثَوَابًا وَلَا عِقَابًا وَإِلَيْهِ مَالَ الشَّيْخُ أَبُو مَنْصُورٍ اهـ وَبَسَطَ أَدِلَّةَ الْأَقْوَالِ فِيهِ (قَوْلُهُ وَيُفْتَرَضُ عَلَيْنَا اتِّبَاعُهُمْ) أَيْ لِاسْتِنْقَاذِ أَمْوَالِنَا مَا دَامُوا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ؛ فَإِنْ دَخَلُوا دَارَ الْحَرْبِ لَا يُفْتَرَضُ؛ وَالْأَوْلَى الِاتِّبَاعُ بِخِلَافِ الذَّرَارِيِّ يُفْتَرَضُ اتِّبَاعُهُمْ مُطْلَقًا بَحْرٌ عَنْ الْمُحِيطِ وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا أَيْ، وَإِنْ دَخَلُوا دَارَ الْحَرْبِ لَكِنْ مَا لَمْ يَبْلُغُوا حُصُونَهُمْ كَمَا قَدَّمْنَاهُ أَوَّلَ الْجِهَادِ عَنْ الذَّخِيرَةِ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَسْلَمُوا تَقَرَّرَ مِلْكُهُمْ) أَيْ لَا سَبِيلَ لِأَرْبَابِهَا عَلَيْهَا بَحْرٌ عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ؛ وَعَبَّرَ الشَّارِحُ بِالتَّقَرُّرِ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُمْ بَعْدَ الْإِحْرَازِ

نام کتاب : الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) نویسنده : ابن عابدين    جلد : 4  صفحه : 161
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست