responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) نویسنده : ابن عابدين    جلد : 1  صفحه : 92
وَكِنَايَتَيْنِ: الْغَائِطُ وَالْمُلَامَسَةُ، وَكَرَامَتَيْنِ: تَطْهِيرُ الذُّنُوبِ وَإِتْمَامُ النِّعْمَةِ أَيْ بِمَوْتِهِ شَهِيدًا، لِحَدِيثِ «مَنْ دَاوَمَ عَلَى الْوُضُوءِ مَاتَ شَهِيدًا» ذَكَرَهُ فِي الْجَوْهَرَةِ.
وَإِنَّمَا قَالَ آمَنُوا بِالْغَيْبَةِ دُونَ آمَنْتُمْ لِيَعُمَّ كُلَّ مَنْ آمَنَ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ قَالَهُ فِي الضِّيَاءِ، وَكَأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ فِي الْآيَةِ الْتِفَاتًا، وَالتَّحْقِيقُ خِلَافُهُ.
وَأَتَى فِي الْوُضُوءِ بِإِذَا التَّحْقِيقِيَّةِ، وَفِي الْجَنَابَةِ بِإِنْ التَّشَكُّكِيَّةِ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ الصَّلَاةَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ {فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6]- فَإِنَّهُ لَمْ يُفَصِّلْ فِيهِ مِقْدَارَ الْمَغْسُولِ كَمَا فَصَّلَ فِي الْوُضُوءِ؛ وَلِذَا وَقَعَ فِي مِقْدَارِهِ اخْتِلَافُ الْمُجْتَهِدِينَ.
(قَوْلُهُ: وَكِنَايَتَيْنِ) تَثْنِيَةُ كِنَايَةٍ، وَمِنْ مَعَانِيهَا لُغَةً أَنْ تَتَكَلَّمَ بِشَيْءٍ وَأَنْتَ تُرِيدَ غَيْرَهُ وَهُنَا كَذَلِكَ، فَإِنَّهُ عَبَّرَ بِالْغَائِطِ وَهُوَ الْمَكَانُ الْمُنْخَفِضُ وَأُرِيدَ بِهِ الْخَارِجُ مِنْ الْإِنْسَانِ، وَعَبَّرَ بِالْمُلَامَسَةِ الْمَأْخُوذَةِ مِنْ الْمَسِّ بِالْيَدِ وَأُرِيدَ بِهَا الْجِمَاعُ وَمِنْهُ يُقَالُ لِلزَّانِيَةِ لَا تَمْنَعُ كَفَّ لَامِسٍ.
(قَوْلُهُ: وَكَرَامَتَيْنِ إلَخْ) أَيْ نِعْمَتَيْنِ تَفَضَّلَ بِهِمَا تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ بِقَوْلِهِ - {لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ} [المائدة: 6]-.
(قَوْلُهُ: تَطْهِيرُ الذُّنُوبِ) لِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَمَالِكٌ مَرْفُوعًا «إذَا تَوَضَّأَ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ أَوْ الْمُؤْمِنُ فَغَسَلَ وَجْهَهُ خَرَجَ مِنْ وَجْهِهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ نَظَرَ إلَيْهَا بِعَيْنِهِ مَعَ الْمَاءِ أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ، فَإِذَا غَسَلَ يَدَيْهِ خَرَجَ مِنْ يَدَيْهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ كَانَ بَطَشَتْهَا يَدَاهُ مَعَ الْمَاءِ أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ، فَإِذَا غَسَلَ رِجْلَيْهِ خَرَجَ كُلُّ خَطِيئَةٍ مَشَتْهَا رِجْلَاهُ مَعَ الْمَاءِ أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ حَتَّى يَخْرُجَ نَقِيًّا مِنْ الذُّنُوبِ» وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ مَرْفُوعًا «مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ خَرَجَتْ خَطَايَاهُ مِنْ جَسَدِهِ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ تَحْتِ أَظْفَارِهِ» .
(قَوْلُهُ: أَيْ بِمَوْتِهِ شَهِيدًا) أَقُولُ أَوْ بِالْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لِحَدِيثِ الْبُخَارِيِّ الْمَارِّ.
(قَوْلُهُ: لِيَعُمَّ إلَخْ) أَيْ فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ آمَنْتُمْ لَاخْتَصَّ بِالْحَاضِرِينَ فِي عَصْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَرَدَّهُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمَوْصُوفَ بِصِفَةٍ عَامَّةٍ يَتَعَمَّمُ.
(قَوْلُهُ: وَكَأَنَّهُ مَبْنِيٌّ إلَخْ) لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ الْأَصْلَ التَّعْبِيرُ بِآمَنْتُمْ.
(قَوْلُهُ: الْتِفَاتًا) هُوَ التَّعْبِيرُ عَنْ مَعْنًى بِطَرِيقٍ مِنْ الطُّرُقِ الثَّلَاثَةِ: أَعْنِي التَّكَلُّمَ، أَوْ الْخِطَابَ، أَوْ الْغَيْبَةَ بَعْدَ التَّعْبِيرِ عَنْهُ بِآخَرَ مِنْهَا، بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ التَّعْبِيرُ الثَّانِي عَلَى خِلَافِ مَا يَقْتَضِيهِ الظَّاهِرُ وَيَتَرَقَّبُهُ السَّامِعُ.
(قَوْلُهُ: وَالتَّحْقِيقُ خِلَافُهُ) لِأَنَّ الْمُنَادَى مُخَاطَبٌ، فَحَقُّ ضَمِيرِهِ أَنْ يَأْتِيَ عَلَى طَرِيقِ الْخِطَابِ، فَيُقَالُ يَا فُلَانُ إذَا فَعَلْت وَلَا يُقَالُ إذَا فَعَلَ، وَإِنَّمَا جِيءَ فِي الصِّلَةِ بِضَمِيرِ الْغَائِبِ لِعَوْدِهِ عَلَى الْمَوْصُولِ وَالْمَوْصُولُ مِنْ الْأَسْمَاءِ الظَّاهِرَةِ وَكُلُّهَا غَيْبٌ، فَإِذَا تَمَّ الْمَوْصُولُ بِصِلَتِهِ الْعَائِدُ ضَمِيرُهَا عَلَيْهِ تَمَحَّضَ الْكَلَامُ لِلْخِطَابِ الَّذِي اقْتَضَاهُ النِّدَاءُ، فَلَيْسَ حِينَئِذٍ فِي الْكَلَامِ عُدُولٌ عَنْ طَرِيقٍ إلَى آخَرَ؛ وَلِذَا كَانَ جَمِيعُ مَا وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ وَكَلَامِ الْعَرَبِ مِنْ أَمْثَالِ هَذَا النِّدَاءِ لَمْ يَجِئْ إلَّا عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ، فَدَعْوَى الْعُدُولِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ لَا تُسْمَعُ نَعَمْ الْعَائِدُ إلَى الْمَوْصُولِ قَدْ سُمِعَ فِيهِ الْخِطَابُ وَالتَّكَلُّمُ قَلِيلًا فِي غَيْرِ النِّدَاءِ كَمَا فِي قَوْلِ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ أَنَا الَّذِي سَمَّتْنِي أُمِّي حَيْدَرَهُ وَقَوْلِ كُثَيِّرٌ:
وَأَنْتِ الَّتِي حَبَّبْت كُلَّ قَصِيرَةٍ ... إلَيَّ وَمَا تَدْرِي بِذَاكَ الْقَصَائِرُ
فَهُوَ مِنْ الِالْتِفَاتِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي أَوَّلِ الْخُطْبَةِ، وَقَدَّمْنَاهُ هُنَاكَ أَيْضًا عَنْ الْمُغْنِي أَنَّ الْقَوْلَ بِالِالْتِفَاتِ فِي الْآيَةِ سَهْوٌ وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْمَعَانِي.
(قَوْلُهُ: التَّحْقِيقِيَّةِ) أَيْ الدَّالَّةِ عَلَى تَحَقُّقِ مَدْخُولِهَا غَالِبًا، وَقَوْلُهُ: التَّشْكِيكِيَّةِ: أَيْ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّهُ مَشْكُوكٌ فِيهِ غَالِبًا، وَقَدْ تُسْتَعْمَلُ كُلٌّ مِنْهُمَا مَكَانَ الْأُخْرَى كَمَا بُيِّنَ فِي مَحَلِّهِ. [لَطِيفَةٌ]
إنْ لِلشَّكِّ مَعَ أَنَّهَا جَازِمَةٌ وَإِذَا لِلْجَزْمِ مَعَ أَنَّهَا لَا تَجْزِمُ، وَقَدْ أَلْغَزَ فِي ذَلِكَ الْإِمَامُ الزَّمَخْشَرِيّ فَقَالَ:
أَنَا إنْ شَكَكْت وَجَدْتُمُونِي جَازِمًا ... وَإِذَا جَزَمْت فَإِنَّنِي لَمْ أَجْزِمْ

نام کتاب : الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) نویسنده : ابن عابدين    جلد : 1  صفحه : 92
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست