responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) نویسنده : ابن عابدين    جلد : 1  صفحه : 60
وَقَدْ قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو الْقَاسِمِ الْقُشَيْرِيُّ فِي رِسَالَتِهِ مَعَ صَلَابَتِهِ فِي مَذْهَبِهِ وَتَقَدُّمِهِ فِي هَذِهِ الطَّرِيقَةِ: سَمِعْت الْأُسْتَاذَ أَبَا عَلِيٍّ الدَّقَّاقَ يَقُولُ: أَنَا أَخَذْت هَذِهِ الطَّرِيقَةَ مِنْ أَبِي الْقَاسِمِ النَّصْرَابَاذِيِّ. وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ: أَنَا أَخَذْتهَا مِنْ الشِّبْلِيِّ، وَهُوَ أَخَذَهَا مِنْ السَّرِيِّ السَّقَطِيِّ، وَهُوَ مِنْ مَعْرُوفٍ الْكَرْخِيِّ، وَهُوَ مِنْ دَاوُد الطَّائِيِّ. وَهُوَ أَخَذَ الْعِلْمَ وَالطَّرِيقَةَ مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَكُلٌّ مِنْهُمْ أَثْنَى عَلَيْهِ وَأَقَرَّ بِفَضْلِهِ. فَعَجَبًا لَك يَا أَخِي: أَلَمْ يَكُنْ لَك أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي هَؤُلَاءِ السَّادَاتِ الْكِبَارِ؟ أَكَانُوا مُتَّهَمِينَ فِي هَذَا الْإِقْرَارِ وَالِافْتِخَارِ، وَهُمْ أَئِمَّةُ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ، وَأَرْبَابُ الشَّرِيعَةِ وَالْحَقِيقَةِ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِقَوْلِهِ لَا يُحْصَى أَبْلَغُ مِنْ قَوْلِنَا لَا يُعَدُّ؛ لِأَنَّ الْعَدَّ أَنْ تَعُدَّ فَرْدًا فَرْدًا، وَالْإِحْصَاءُ يَكُونُ لِلْجُمَلِ؛ وَلِذَا قَالَ تَعَالَى - {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا} [النحل: 18]- مَعْنَاهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إنْ أَرَدْتُمْ عَدَّهَا فَلَا تَقْدِرُوا عَلَى إحْصَائِهَا، فَضْلًا عَنْ الْعَدِّ كَذَا أَفَادَهُ الْإِمَامُ النَّسَفِيُّ فِي الْمُسْتَصْفَى

(قَوْلُهُ: أَبُو الْقَاسِمِ) تِلْكَ كُنْيَتُهُ وَاسْمُهُ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ هَوَازِنَ الْحَافِظُ الْمُفَسِّرُ الْفَقِيهُ، النَّحْوِيُّ اللُّغَوِيُّ الْأَدِيبُ الْكَاتِبُ الْقُشَيْرِيُّ، الشُّجَاعُ الْبَطَلُ، لَمْ يَرَ مِثْلَ نَفْسِهِ، وَلَا رَأَى الرَّاءُونَ مِثْلَهُ، وَأَنَّهُ الْجَامِعُ لِأَنْوَاعِ الْمَحَاسِنِ. وُلِدَ سَنَةَ (377) وَسَمِعَ الْحَدِيثَ مِنْ الْحَاكِمِ وَغَيْرِهِ. وَرَوَى عَنْهُ الْخَطِيبُ وَغَيْرُهُ، وَصَنَّفَ التَّصَانِيفَ الشَّهِيرَةَ، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ (465) ط عَنْ الزَّرْقَانِيِّ عَلَى الْمَوَاهِبِ. (قَوْلُهُ: فِي رِسَالَتِهِ) أَيْ الَّتِي كَتَبَهَا إلَى جَمَاعَةِ الصُّوفِيَّةِ بِبُلْدَانِ الْإِسْلَامِ سَنَةَ (437) هـ، ذَكَرَ فِيهَا مَشَايِخَ الطَّرِيقَةِ وَفَسَّرَ أَلْفَاظًا تَدُورُ بَيْنَهُمْ بِعِبَارَاتٍ أَنِيقَةٍ. (قَوْلُهُ: مَعَ صَلَابَتِهِ) أَيْ قُوَّتِهِ وَتَمَكُّنِهِ ط. (قَوْلُهُ: فِي مَذْهَبِهِ) وَهُوَ مَذْهَبُ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، أَوْ طَرِيقَةُ أَهْلِ الْحَقِيقَةِ ط.
(قَوْلُهُ: سَمِعْت إلَخْ) مَقُولُ الْقَوْلِ وَأَبُو عَلِيٍّ هُوَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الدَّقَّاقُ. وَأَبُو الْقَاسِمِ: هُوَ إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّصْرَابَاذِيُّ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ شَيْخُ خُرَاسَانَ، جَاوَرَ بِمَكَّةَ، وَمَاتَ بِهَا سَنَةَ (357) . وَالشِّبْلِيُّ هُوَ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ دُلَفَ الشِّبْلِيُّ الْبَغْدَادِيُّ الْمَالِكِيُّ الْمَذْهَبِ، صَحِبَ الْجُنَيْدَ، مَاتَ سَنَةَ (334) وَالسِّرِّيُّ هُوَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ مُغَلِّسٍ السَّقَطِيُّ خَالُ الْجُنَيْدِ وَأُسْتَاذُهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ (257) .
(قَوْلُهُ: مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ) هُوَ فَارِسُ هَذَا الْمَيْدَانِ، فَإِنَّ مَبْنَى عِلْمِ الْحَقِيقَةِ عَلَى الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ وَتَصْفِيَةِ النَّفْسِ، وَقَدْ وَصَفَهُ بِذَلِكَ عَامَّةُ السَّلَفِ، فَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي حَقِّهِ إنَّهُ كَانَ مِنْ الْعِلْمِ وَالْوَرَعِ وَالزُّهْدِ وَإِيثَارِ الْآخِرَةِ بِمَحَلٍّ لَا يُدْرِكُهُ أَحَدٌ، وَلَقَدْ ضُرِبَ بِالسِّيَاطِ لِيَلِيَ الْقَضَاءَ فَلَمْ يَفْعَلْ:
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ: لَيْسَ أَحَدٌ أَحَقَّ مِنْ أَنْ يُقْتَدَى بِهِ مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ إمَامًا تَقِيًّا نَقِيًّا وَرِعًا عَالِمًا فَقِيهًا، كَشَفَ الْعِلْمَ كَشْفًا لَمْ يَكْشِفْهُ أَحَدٌ بِبَصَرٍ وَفَهْمٍ وَفِطْنَةٍ وَتُقًى:
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ لِمَنْ قَالَ لَهُ جِئْت مِنْ عِنْدِ أَبِي حَنِيفَةَ: لَقَدْ جِئْت مِنْ عِنْدِ أَعْبَدْ أَهْلِ الْأَرْضِ، وَأَمْثَالُ ذَلِكَ مِمَّا نَقَلَهُ ابْنُ حَجَرٍ وَغَيْرُهُ مِنْ الْعُلَمَاءِ الْأَثْبَاتِ.
(قَوْلُهُ: فَعَجَبًا) هُوَ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ: أَيْ فَأَعْجَبُ مِنْك عَجَبًا وَهَذَا الْخِطَابُ لِمَنْ أَنْكَرَ فَضْلَهُ أَوْ خَالَفَ قَوْلَهُ ط.
(قَوْلُهُ: أَلَمْ يَكُنْ) اسْتِفْهَامٌ تَقْرِيرِيٌّ بِمَا بَعْدَ النَّفْيِ، أَوْ هُوَ إنْكَارِيٌّ بِمَعْنَى النَّفْيِ كَاَلَّذِي بَعْدَهُ.
(قَوْلُهُ: أُسْوَةٌ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّهَا: أَيْ قُدْوَةٌ.
(قَوْلُهُ: فِي هَؤُلَاءِ) مُتَعَلِّقٌ بِأُسْوَةٍ، وَفِي بِمَعْنَى الْبَاءِ أَوْ لِلظَّرْفِيَّةِ الْمَجَازِيَّةِ عَلَى حَدِّ قَوْله تَعَالَى - {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21]-.
(قَوْلُهُ: وَهُمْ أَئِمَّةُ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ إلَخْ) فِي رِسَالَةِ الْفُتُوحَاتِ لِلْقَاضِي زَكَرِيَّا: الطَّرِيقَةُ سُلُوكُ طَرِيقِ الشَّرِيعَةِ، وَالشَّرِيعَةُ: أَعْمَالٌ شَرْعِيَّةٌ مَحْدُودَةٌ، وَهُمَا وَالْحَقِيقَةُ ثَلَاثَةٌ مُتَلَازِمَةٌ؛ لِأَنَّ الطَّرِيقَ إلَيْهِ تَعَالَى ظَاهِرٌ وَبَاطِنٌ فَظَاهِرُهَا الطَّرِيقَةُ وَالشَّرِيعَةُ، وَبَاطِنُهَا الْحَقِيقَةُ فَبُطُونُ الْحَقِيقَةِ فِي الشَّرِيعَةِ، وَالطَّرِيقَةِ كَبُطُونِ الزُّبْدِ فِي لَبَنِهِ، لَا يُظْفَرُ بِزُبْدِهِ بِدُونِ مَخْضِهِ، وَالْمُرَادُ مِنْ الثَّلَاثَةِ إقَامَةُ الْعُبُودِيَّةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُرَادِ مِنْ الْعَبْدِ اهـ ابْنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ.
(قَوْلُهُ: وَمَنْ بَعْدَهُمْ) أَيْ مَنْ أَتَى بَعْدَ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ فِي الزَّمَانِ سَالِكًا فِي هَذَا الْأَمْرِ وَهُوَ عِلْمُ الشَّرِيعَةِ وَالْحَقِيقَةِ فَهُوَ تَابِعٌ لَهُمْ؛ إذْ هُمْ الْأَئِمَّةُ فِيهِ فَيَكُونُ فَخْرُهُ بِاتِّصَالِ

نام کتاب : الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) نویسنده : ابن عابدين    جلد : 1  صفحه : 60
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست