responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) نویسنده : ابن عابدين    جلد : 1  صفحه : 55
وَصَنَّفَ غَيْرُهُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ

وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ النُّعْمَانَ مِنْ أَعْظَمِ مُعْجِزَاتِ الْمُصْطَفَى
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْحَارِثِ الْمُحَاسِبِيِّ، وَذَكَرَ كَلَامَ كَثِيرِينَ مِنْ نُظَرَاءِ مَالِكٍ فِيهِ، وَكَلَامَ ابْنِ مَعِينٍ فِي الشَّافِعِيِّ. قَالَ: وَمَا مِثْلُ مَنْ تَكَلَّمَ فِيهِمَا وَفِي نَظَائِرِهِمَا إلَّا كَمَا قَالَ الْحَسَنُ بْنُ هَانِئٍ:
يَا نَاطِحَ الْجَبَلِ الْعَالِي لِيُكْلِمَهُ ... أَشْفِقْ عَلَى الرَّأْسِ لَا تُشْفِقْ عَلَى الْجَبَلِ
اهـ مُلَخَّصًا. وَقَدْ أَطَالَ فِي ذَلِكَ وَفِي ذِكْرِ مَنْ أَثْنَى عَلَى الْإِمَامِ مِنْ أَئِمَّةِ السَّلَفِ وَمِمَّنْ بَعْدَهُمْ، وَمَا نَقَلُوهُ مِنْ سِعَةِ عِلْمِهِ وَفَهْمِهِ وَزُهْدِهِ وَوَرَعِهِ وَعِبَادَتِهِ وَاحْتِيَاطِهِ وَخَوْفِهِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَسْتَدْعِي مُؤَلَّفَاتٍ، وَمَا يُنْسَبُ إلَى الْإِمَامِ الْغَزَالِيِّ يَرُدُّهُ مَا ذَكَرَهُ فِي إحْيَائِهِ الْمُتَوَاتِرُ عَنْهُ حَيْثُ تَرْجَمَ الْأَئِمَّةَ الْأَرْبَعَةَ وَقَالَ: وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَلَقَدْ كَانَ أَيْضًا عَابِدًا زَاهِدًا عَارِفًا بِاَللَّهِ تَعَالَى، خَائِفًا مِنْهُ، مُرِيدًا وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى بِعِلْمِهِ إلَخْ.
أَقُولُ: وَلَا عَجَبَ مِنْ تَكَلُّمِ السَّلَفِ فِي بَعْضِهِمْ كَمَا وَقَعَ لِلصَّحَابَةِ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْتَهِدِينَ فَيُنْكِرُ بَعْضُهُمْ عَلَى مَنْ خَالَفَ الْآخَرَ سِيَّمَا إذَا قَامَ عِنْدَهُ مَا يَدُلُّ لَهُ عَلَى خَطَأِ غَيْرِهِ، فَلَيْسَ قَصْدُهُمْ إلَّا الِانْتِصَارُ لِلدِّينِ لَا لِأَنْفُسِهِمْ، وَإِنَّمَا الْعَجَبُ مِمَّنْ يَدَّعِي الْعِلْمَ فِي زَمَانِنَا وَمَأْكَلُهُ وَمَشْرَبُهُ وَمَلْبَسُهُ وَعُقُودُهُ وَأَنْكِحَتُهُ وَكَثِيرٌ مِنْ تَعَبُّدَاتِهِ يُقَلِّدُ فِيهَا الْإِمَامَ الْأَعْظَمَ ثُمَّ يَطْعَنُ فِيهِ وَفِي أَصْحَابِهِ، وَلَيْسَ مِثْلُهُ إلَّا كَمِثْلِ ذُبَابَةٍ وَقَعَتْ تَحْتَ ذَنَبِ جَوَادٍ فِي حَالَةِ كَرِّهِ وَفَرِّهِ وَلَيْتَ شِعْرِي لِأَيِّ شَيْءٍ يُصَدِّقُ مَا قِيلَ فِي أَبِي حَنِيفَةَ وَلَا يُصَدِّقُ مَا قِيلَ فِي إمَامِ مَذْهَبِهِ، وَلِمَ لَا يُقَلِّدُ إمَامَ مَذْهَبِهِ فِي أَدَبِهِ مَعَ هَذَا الْإِمَامِ الْجَلِيلِ؟ فَقَدْ نَقَلَ الْعُلَمَاءُ ثَنَاءَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ وَتَأَدُّبَهُمْ مَعَهُ وَلَا سِيَّمَا الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَالْكَامِلُ لَا يَصْدُرُ مِنْهُ إلَّا الْكَمَالُ، وَالنَّاقِصُ بِضِدِّهِ. وَيَكْفِي الْمُعْتَرِضَ حِرْمَانُهُ بَرَكَةَ مَنْ يَعْتَرِضُ عَلَيْهِ، أَعَاذَنَا اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ، وَأَدَامَنَا عَلَى حُبِّ سَائِرِ الْأَئِمَّةِ الْمُجْتَهِدِينَ وَجَمِيعِ عِبَادِهِ الصَّالِحِينَ، وَحَشَرَنَا فِي زُمْرَتِهِمْ يَوْمَ الدِّينِ.
وَمِمَّا رُوِيَ مِنْ تَأَدُّبِهِ مَعَهُ أَنَّهُ قَالَ: إنِّي لَأَتَبَرَّكُ بِأَبِي حَنِيفَةَ وَأَجِيءُ إلَى قَبْرِهِ، فَإِذَا عَرَضَتْ لِي حَاجَةٌ صَلَّيْت رَكْعَتَيْنِ وَسَأَلْت اللَّهَ تَعَالَى عِنْدَ قَبْرِهِ فَتُقْضَى سَرِيعًا. وَذَكَرَ بَعْضُ مَنْ كَتَبَ عَلَى الْمَنَاهِجِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ صَلَّى الصُّبْحَ عِنْدَ قَبْرِهِ فَلَمْ يَقْنُتْ، فَقِيلَ لَهُ لِمَ؟ قَالَ: تَأَدُّبًا مَعَ صَاحِبِ هَذَا الْقَبْرِ. وَزَادَ غَيْرُهُ أَنَّهُ لَمْ يَجْهَرْ بِالْبَسْمَلَةِ.
وَأَجَابُوا عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّهُ قَدْ يَعْرِضُ لِلسُّنَّةِ مَا يُرَجِّحُ تَرْكَهَا عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ كَرَغْمِ أَنْفِ حَاسِدٍ، وَتَعْلِيمِ جَاهِلٍ وَلَا شَكَّ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ كَانَ لَهُ حُسَّادٌ كَثِيرُونَ، وَالْبَيَانُ بِالْفِعْلِ أَظْهَرُ مِنْهُ بِالْقَوْلِ، فَمَا فَعَلَهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَفْضَلُ مِنْ فِعْلِ الْقُنُوتِ وَالْجَهْرِ.
أَقُولُ: وَلَا يَخْفَى عَلَيْك أَنَّ ذَلِكَ الطَّاعِنَ الْأَحْمَقَ طَاعِنٌ فِي إمَامِ مَذْهَبِهِ، وَلِذَا قَالَ فِي الْمِيزَانِ: سَمِعْت سَيِّدِي عَلِيًّا الْخَوَاصَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِرَارًا يَقُولُ: يَتَعَيَّنُ عَلَى أَتْبَاعِ الْأَئِمَّةِ أَنْ يُعَظِّمُوا كُلَّ مَنْ مَدَحَهُ إمَامُهُمْ؛ لِأَنَّ إمَامَ الْمَذْهَبِ إذَا مَدَحَ عَالِمًا وَجَبَ عَلَى جَمِيعِ أَتْبَاعِهِ أَنْ يَمْدَحُوهُ تَقْلِيدًا لِإِمَامِهِمْ، وَأَنْ يُنَزِّهُوهُ عَنْ الْقَوْلِ فِي دِينِ اللَّهِ بِالرَّأْيِ. وَقَالَ أَيْضًا لَوْ أَنْصَفَ الْمُقَلِّدُونَ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ لَمْ يُضَعِّفْ أَحَدٌ مِنْهُمْ قَوْلًا مِنْ أَقْوَالِ أَبِي حَنِيفَةَ بَعْدَ أَنْ سَمِعُوا مَدْحَ أَئِمَّتِهِمْ لَهُ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ التَّنْوِيهِ بِرِفْعَةِ مَقَامِهِ إلَّا كَوْنَ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - تَرَكَ الْقُنُوتَ فِي الصُّبْحِ لَمَّا صَلَّى عِنْدَ قَبْرِهِ لَكَانَ فِيهِ كِفَايَةٌ فِي لُزُومِ أَدَبِ مُقَلِّدِيهِ مَعَهُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَصَنَّفَ غَيْرُهُ) كَالْإِمَامِ الطَّحَاوِيِّ وَالْحَافِظِ الذَّهَبِيِّ وَالْكَرْدَرِيِّ وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ قَدَّمْنَاهُمْ

(قَوْلُهُ: مِنْ أَعْظَمِ مُعْجِزَاتِ إلَخْ) لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

نام کتاب : الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) نویسنده : ابن عابدين    جلد : 1  صفحه : 55
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست