responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب نویسنده : البجيرمي    جلد : 1  صفحه : 56
وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ فَأَقَامَ بِهَا شَهْرًا، ثُمَّ خَرَجَ إلَى مِصْرَ وَلَمْ يَزَلْ بِهَا نَاشِرًا لِلْعِلْمِ مُلَازِمًا لِلِاشْتِغَالِ بِجَامِعِهَا الْعَتِيقِ إلَى أَنْ أَصَابَتْهُ ضَرْبَةٌ شَدِيدَةٌ فَمَرِضَ بِسَبَبِهَا أَيَّامًا عَلَى مَا قِيلَ، ثُمَّ انْتَقَلَ إلَى رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ قُطْبُ الْوُجُودِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَأَسْقَطُوا بَيِّنَتَيْ خَصْمَيْنِ ... تَعَارُضًا جَزْمًا بِغَيْرِ مَيْنِ
وَالشَّاهِدَانِ قَدَّمُوهُمَا عَلَى ... شَطْرٍ مَعَ الْيَمِينِ فِيمَا نُقِلَا
وَلَمْ يَحْلِفْ دَاخِلٌ قَدْ عَارَضَتْ ... حُجَّتُهُ لِخَارِجٍ فِيمَا ثَبَتْ
وَجَائِزٌ تَزْوِيجُ أُمِّ الْوَلَدِ ... فِي أَرْجَحِ الْقَوْلَيْنِ وَالْمُعْتَمَدِ
قَوْلُهُ: (ثُمَّ خَرَجَ إلَى مِصْرَ) وَأَقَامَ بِهَا سِتَّ سِنِينَ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ.
قَوْلُهُ: (أَصَابَتْهُ ضَرْبَةٌ) قِيلَ الضَّارِبُ لَهُ أَشْهَبُ حِينَ تَنَاظَرَ مَعَ الشَّافِعِيِّ فَأَفْحَمَهُ الشَّافِعِيُّ فَضَرَبَهُ قِيلَ بِكِيلُونَ وَقِيلَ بِمِفْتَاحٍ فِي جَبْهَتِهِ فَمَرِضَ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ ضَرَبَهُ بِمِفْتَاحِ كِيلُونَ، وَكَانَ يَدْعُو عَلَيْهِ فِي سُجُودِهِ يَقُولُ: اللَّهُمَّ أَمِتْ الشَّافِعِيَّ وَإِلَّا ذَهَبَ عِلْمُ مَالِكٍ، لَكِنْ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ بَوْنٌ بَعِيدٌ، فَقَدْ كَانَ يَدْعُو لِلشَّافِعِيِّ فِي سُجُودِهِ، وَسَأَلَتْهُ ابْنَتُهُ عَنْهُ فَقَالَ: هُوَ رَجُلٌ كَالشَّمْسِ فِي الدُّنْيَا وَالْعَافِيَةِ فِي الْبَدَنِ، فَإِذَا ذَهَبَا هَلْ لَهُمَا مِنْ خَلَفٍ؟ وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يُعَظِّمُ الشَّافِعِيَّ وَيَذْكُرُهُ كَثِيرًا وَكَانَتْ لَهُ ابْنَةٌ صَالِحَةٌ تَقُومُ اللَّيْلَ وَتَصُومُ النَّهَارَ وَتُحِبُّ أَخْبَارَ الصَّالِحِينَ، وَتَوَدُّ أَنْ تَرَى الصَّالِحِينَ وَتَرَى الشَّافِعِيَّ لِتَعْظِيمِ أَبِيهَا إيَّاهُ، فَاتَّفَقَ مَبِيتُ الشَّافِعِيِّ عِنْدَ أَحْمَدَ فِي وَقْتٍ فَفَرِحَتْ الْبِنْتُ بِذَلِكَ طَمَعًا أَنْ تَرَى أَفْعَالَهُ وَتَسْمَعَ مَقَالَهُ، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ قَامَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ إلَى وَظِيفَةِ صَلَاتِهِ وَذِكْرِهِ، وَالْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ مُلْقًى عَلَى ظَهْرِهِ وَالْبِنْتُ تَرْقُبُهُ إلَى الْفَجْرِ، ثُمَّ قَالَتْ لِأَبِيهَا: يَا أَبَتِ تُعَظِّمُ الشَّافِعِيَّ وَمَا رَأَيْته يُصَلِّي فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ وَلَا يَذْكُرُ، فَبَيْنَمَا هُمَا فِي الْحَدِيثِ إذْ قَامَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ فَقَالَ لَهُ أَحْمَدُ: كَيْفَ كَانَتْ لَيْلَتُك؟ فَقَالَ: مَا بِتّ بِلَيْلَةٍ أَطْيَبَ مِنْهَا وَلَا أَبْرَكَ.
فَقَالَ: كَيْفَ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: لِأَنِّي اسْتَنْبَطْت فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ مِائَةَ مَسْأَلَةٍ وَأَنَا مُسْتَلْقٍ عَلَى ظَهْرِي فِي مَنَافِعِ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ وَدَّعَهُ وَمَضَى، فَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لِابْنَتِهِ: هَذَا الَّذِي عَمِلَهُ اللَّيْلَةَ أَفْضَلُ مِنْ الَّذِي عَمِلْته وَأَنَا قَائِمٌ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: مَا رَأَيْت أَفْقَهَ مِنْ أَشْهَبَ لَوْلَا طَيْشٌ فِيهِ، وَالطَّيْشُ خِفَّةُ الْعَقْلِ. وَأَشْهَبُ الْمَذْكُورُ هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ دَاوُد الْفَقِيهُ الْمَالِكِيُّ الْمِصْرِيُّ وُلِدَ فِي السَّنَةِ الَّتِي وُلِدَ فِيهَا الشَّافِعِيُّ وَهِيَ سَنَةُ خَمْسِينَ وَمِائَةٍ، وَتُوُفِّيَ بَعْدَ الشَّافِعِيِّ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: سَمِعْت أَشْهَبَ يَدْعُو عَلَى الشَّافِعِيِّ بِالْمَوْتِ فَذَكَرْت لِلشَّافِعِيِّ ذَلِكَ فَقَالَ:
تَمَنَّى رِجَالٌ أَنْ أَمُوتَ وَإِنْ أَمُتْ ... فَتِلْكَ سَبِيلٌ لَسْت فِيهَا بِأَوْحَدِ
فَقُلْ لِلَّذِي يَبْغِي خِلَافَ الَّذِي مَضَى ... تَهَيَّأْ لِأُخْرَى مِثْلِهَا فَكَأَنْ قَدْ
أَيْ فَكَانَ يَقْرَبُ التَّهَيُّؤُ. قَالَ: فَمَاتَ الشَّافِعِيُّ وَاشْتَرَى أَشْهَبُ مِنْ تَرِكَتِهِ عَبْدًا فَاشْتَرَيْته مِنْ تَرِكَتِهِ بَعْدَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا. وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الضَّارِبَ لَهُ فِتْيَانُ الْمَغْرِبِيِّ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَمِنْ جُمْلَةِ كَرَامَاتِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ اللَّهَ أَخْفَى ذِكْرَ فِتْيَانَ وَكَلَامَهُ فِي الْعِلْمِ حَتَّى عِنْدَ أَهْلِ مَذْهَبِهِ.
قَوْلُهُ: (فَمَرِضَ بِسَبَبِهَا أَيَّامًا) وَدَخَلَ الْمُزَنِيّ عَلَى الشَّافِعِيِّ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، فَقَالَ: كَيْفَ أَصْبَحْت يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ؟ فَقَالَ: أَصْبَحْت مِنْ الدُّنْيَا رَاحِلًا وَلِلْإِخْوَانِ مُفَارِقًا وَلِسَيِّئِ عَمَلِي مُلَاقِيًا وَلِكَأْسِ الْمَنِيَّةِ شَارِبًا وَعَلَى رَبِّي تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَارِدًا، وَلَا أَدْرِي تَصِيرُ رُوحِي إلَى الْجَنَّةِ فَأُهَنِّيهَا أَوْ إلَى النَّارِ فَأُعَزِّيهَا ثُمَّ أَنْشَدَ.
وَلَمَّا قَسَا قَلْبِي وَضَاقَتْ مَذَاهِبِي ... حَمَلْت الرَّجَا مِنِّي لِعَفْوِك سُلَّمَا
تَعَاظَمَنِي ذَنْبِي فَلَمَّا قَرَنْته ... بِعَفْوِك رَبِّي كَانَ عَفْوُك أَعْظَمَا
وَمَازِلْت ذَا عَفْوٍ عَنْ الذَّنْبِ لَمْ تَزَلْ ... تَجُودُ وَتَعْفُو مِنَّةً وَتَكَرُّمَا
قَوْلُهُ: (وَهُوَ قُطْبُ الْوُجُودِ) الْقُطْبُ فِي الْأَصْلِ الْقَلْبُ الَّذِي تَدُورُ عَلَيْهِ الرَّحَا وَتَتَعَطَّلُ بِفَقْدِهِ، ثُمَّ اُسْتُعِيرَ لِلْإِمَامِ بِاعْتِبَارِ

نام کتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب نویسنده : البجيرمي    جلد : 1  صفحه : 56
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست