responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب نویسنده : البجيرمي    جلد : 1  صفحه : 49
قَالَ: مَجْلِسُ فِقْهٍ خَيْرٌ مِنْ عِبَادَةِ سِتِّينَ سَنَةً.
وَالْآثَارُ فِي ذَلِكَ كَثِيرَةٌ مَشْهُورَةٌ. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي فَضْلِ الْعِلْمِ إنَّمَا هُوَ فِيمَنْ طَلَبَهُ مُرِيدًا بِهِ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى،
ـــــــــــــــــــــــــــــQالسَّمَاءِ كَذَلِكَ الْعِلْمُ نَزَلَ مِنْ السَّمَاءِ.
الثَّانِي: كَمَا أَنَّ إصْلَاحَ الْأَرْضِ بِالْمَطَرِ فَإِصْلَاحُ الْخَلْقِ بِالْعِلْمِ. الثَّالِثُ: كَمَا أَنَّ الزَّرْعَ وَالنَّبَاتَ لَا يَخْرُجُ بِغَيْرِ الْمَطَرِ كَذَلِكَ الْأَعْمَالُ وَالطَّاعَاتُ لَا تَحْصُلُ بِغَيْرِ الْعِلْمِ.
الرَّابِعُ: كَمَا أَنَّ الْمَطَرَ فَرْعُ الرَّعْدِ وَالْبَرْقِ كَذَلِكَ الْعِلْمُ فَإِنَّهُ فَرْعُ الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ. الْخَامِسُ: كَمَا أَنَّ الْمَطَرَ نَافِعٌ وَضَارٌّ كَذَلِكَ الْعِلْمُ نَافِعٌ لِمَنْ عَمِلَ بِهِ وَضَارٌّ لِمَنْ لَمْ يَعْمَلْ بِهِ. ذَكَرَهُ الْعَلَّامَةُ الرَّازِيّ.
قَوْلُهُ: (وَعَنْ الشَّافِعِيِّ أَيْضًا: طَلَبُ الْعِلْمِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ النَّافِلَةِ) أَيْ الْعِلْمُ الْوَاجِبُ عَيْنًا أَوْ كِفَايَةً هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَأَخَذَ بَعْضُهُمْ بِالْإِطْلَاقِ، وَعِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ وَطَلَبُ الْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: فَرْضُ عَيْنٍ وَهُوَ تَعَلُّمُ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ، وَفَرْضُ كِفَايَةٍ إلَى أَنْ يَصِلَ إلَى دَرَجَةِ الْإِفْتَاءِ، وَسُنَّةٌ وَهُوَ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ اهـ. وَمِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ تَعَلُّمُ الطِّبِّ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَقَوْلُهُ: أَيْ الْوَاجِبُ يُقَالُ عَلَيْهِ إنَّهُ بِهَذَا التَّأْوِيلِ صَارَ الْعِلْمُ كَغَيْرِهِ مِنْ جَمِيعِ الْفُرُوضِ، فَإِنَّهَا أَفْضَلُ مِنْ النَّفْلِ إلَّا مَسَائِلَ مَعْدُودَةً كَرَدِّ السَّلَامِ وَإِنْظَارِ الْمُعْسِرِ فَابْتِدَاءُ السَّلَامِ أَفْضَلُ مِنْ رَدِّهِ وَإِنْ كَانَ الِابْتِدَاءُ سُنَّةً، وَالرَّدُّ وَاجِبًا وَإِبْرَاءُ الْمُعْسِرِ أَفْضَلُ مِنْ إنْظَارِهِ وَهُوَ وَاجِبٌ وَالْإِبْرَاءُ مَنْدُوبٌ، فَالْمُنَاسِبُ التَّعْمِيمُ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فَرْضًا أَوْ سُنَّةً تَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (مَجْلِسُ فِقْهٍ خَيْرٌ مِنْ عِبَادَةِ سِتِّينَ سَنَةً) أَيْ النَّافِلَةِ، وَجَاءَ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحَادِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَعَلُّمَ الْعِلْمِ وَتَعْلِيمَهُ أَفْضَلُ مِنْ الذِّكْرِ الْمُجَرَّدِ عَنْ تَعَلُّمِ الْعِلْمِ بَلْ مِنْ سَائِرِ الطَّاعَاتِ وَالْعِبَادَاتِ مِنْهَا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ «تَدَارُسُ الْعِلْمِ سَاعَةً مِنْ اللَّيْلِ خَيْرٌ مِنْ إحْيَائِهِ بِغَيْرِهِ» وَمِنْهَا مَا رَوَاهُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ مُرْسَلًا قَالَ: «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ رَجُلَيْنِ كَانَا فِي بَنِي إسْرَائِيلَ أَحَدُهُمَا كَانَ عَالِمًا يُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ ثُمَّ يَجْلِسُ فَيُعَلِّمُ النَّاسَ الْخَيْرَ وَالْآخَرُ يَصُومُ النَّهَارَ وَيَقُومُ اللَّيْلَ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: فَضْلُ هَذَا الْعَالِمِ الَّذِي يُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ ثُمَّ يَجْلِسُ فَيُعَلِّمُ النَّاسَ الْخَيْرَ عَلَى الَّذِي يَصُومُ النَّهَارَ وَيَقُومُ اللَّيْلَ كَفَضْلِي عَلَى أَدْنَاكُمْ ثُمَّ قَالَ: إنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرَضِينَ حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا وَحَتَّى الْحُوتَ فِي الْبَحْرِ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِي النَّاسِ الْخَيْرَ» .
قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: إنَّ مَنْ جَلَسَ عِنْدَ الْعَالِمِ وَلَا يَقْدِرُ أَنْ يَحْفَظَ مِنْ ذَلِكَ الْعِلْمِ شَيْئًا فَلَهُ سَبْعُ كَرَامَاتٍ: أَوَّلُهَا: يَنَالُ فَضْلَ الْمُتَعَلِّمِينَ، وَالثَّانِي: مَا دَامَ جَالِسًا عِنْدَهُ كَانَ مَحْبُوسًا عَنْ الذُّنُوبِ، وَالثَّالِثُ: إذَا خَرَجَ مِنْ مَنْزِلِهِ طَلَبًا لِلْعِلْمِ نَزَلَتْ الرَّحْمَةُ عَلَيْهِ، وَالرَّابِعُ: إذَا جَلَسَ فِي حَلْقَةِ الْعِلْمِ فَإِذَا نَزَلَتْ الرَّحْمَةُ عَلَيْهِمْ حَصَلَ لَهُ مِنْهَا نَصِيبٌ، وَالْخَامِسُ: مَا دَامَ فِي الِاسْتِمَاعِ يُكْتَبُ لَهُ طَاعَةً، وَالسَّادِسُ: إذَا اسْتَمَعَ وَلَمْ يَفْهَمْ ضَاقَ قَلْبُهُ لِحِرْمَانِهِ عَنْ إدْرَاكِ الْعِلْمِ فَيَصِيرُ ذَلِكَ الْغَمُّ وَسِيلَةً إلَى حَضْرَةِ اللَّهِ لِقَوْلِهِ: " أَنَا عِنْدَ الْمُنْكَسِرَةِ قُلُوبُهُمْ " أَيْ جَابِرُهُمْ وَنَاصِرُهُمْ لِأَجْلِي، وَالسَّابِعُ: يَرَى إعْزَازَ الْمُسْلِمِينَ لِلْعَالِمِ وَإِذْلَالَهُمْ لِلْفَاسِقِ، فَيُرَدُّ قَلْبُهُ عَنْ الْفِسْقِ وَيَمِيلُ طَبْعُهُ إلَى الْعِلْمِ، وَلِهَذَا أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمُجَالَسَةِ الْعُلَمَاءِ.
وَقَالَ أَيْضًا: «مَنْ جَلَسَ مَعَ ثَمَانِيَةِ أَصْنَافٍ زَادَهُ اللَّهُ ثَمَانِيَةَ أَشْيَاءَ: مَنْ جَلَسَ مَعَ الْأَغْنِيَاءِ زَادَهُ اللَّهُ حُبَّ الدُّنْيَا وَالرَّغْبَةَ فِيهَا، وَمَنْ جَلَسَ مَعَ الْفُقَرَاءِ حَصَلَ لَهُ الشُّكْرُ وَالرِّضَا بِقِسْمَةِ اللَّهِ، وَمَنْ جَلَسَ مَعَ السُّلْطَانِ زَادَهُ اللَّهُ الْقَسْوَةَ وَالْكِبْرَ، وَمَنْ جَلَسَ مَعَ النِّسَاءِ زَادَهُ اللَّهُ الْجَهْلَ وَالشَّهْوَةَ، وَمَنْ جَلَسَ مَعَ الصِّبْيَانِ ازْدَادَ مِنْ اللَّهْوِ، وَمَنْ جَلَسَ مَعَ الْفُسَّاقِ ازْدَادَ مِنْ الْجَرَاءَةِ عَلَى الذُّنُوبِ وَتَسْوِيفِ التَّوْبَةِ أَيْ تَأْخِيرِهَا، وَمَنْ جَلَسَ مَعَ الصَّالِحِينَ ازْدَادَ رَغْبَةً فِي الطَّاعَاتِ وَمَنْ جَلَسَ مَعَ الْعُلَمَاءِ ازْدَادَ فِي الْعِلْمِ وَالْوَرَعِ» .
قَوْلُهُ: (وَالْآثَارُ فِي ذَلِكَ كَثِيرَةٌ مَشْهُورَةٌ) قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: صَرِيرُ قَلَمِ الْعَالِمِ تَسْبِيحٌ وَكِتَابَةُ الْعِلْمِ وَالنَّظَرُ فِيهِ عِبَادَةٌ، وَإِذَا أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ الْمِدَادِ ثَوْبَهُ فَكَإِصَابَةِ دَمِ الشُّهَدَاءِ، وَإِذَا قَطَرَ مِنْهَا عَلَى الْأَرْضِ تَلَأْلَأَ نُورُهُ، وَإِذَا قَامَ مِنْ قَبْرِهِ نَظَرَ إلَيْهِ أَهْلُ الْجَمْعِ فَقَالُوا: هَذَا عَبْدٌ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ أَكْرَمَهُ اللَّهُ وَحَشَرَهُ مَعَ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ -، وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا «يُؤْتَى

نام کتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب نویسنده : البجيرمي    جلد : 1  صفحه : 49
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست