responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب نویسنده : البجيرمي    جلد : 1  صفحه : 395
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقَرَافِيُّ فِي قَوْمٍ لَا تَغِيبُ الشَّمْسُ عِنْدَهُمْ إلَّا مِقْدَارَ الصَّلَاةِ، فَهَلْ يَشْتَغِلُونَ بِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ أَوْ يَشْتَغِلُونَ بِالْأَكْلِ حَتَّى يَقْوَوْنَ عَلَى صَوْمِ الْغَدِ إذَا كَانَ شَهْرُ رَمَضَانَ. وَإِذَا عَلِمْت مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَنَّ اللَّيْلَ يَقْصُرُ عِنْدَ قَوْمٍ وَيَطُولُ عِنْدَ آخَرِينَ ظَهَرَ لَك وَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ الْوَارِدَةِ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي قَوْلِهِ: «يَنْزِلُ رَبُّنَا كُلَّ لَيْلَةٍ حِينَ يَذْهَبُ ثُلُثُ اللَّيْلِ» وَفِي رِوَايَةٍ: «حِينَ يَذْهَبُ نِصْفُ اللَّيْلِ وَيَقُولُ هَلْ مِنْ تَائِبٍ فَأَتُوبَ عَلَيْهِ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لَهُ، مَنْ يُقْرِضُ غَيْرَ عَدِيمٍ وَلَا ظَلُومٍ» الْحَدِيثَ وَكَذَا أَجَابَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بِهَذَا الْجَوَابِ، وَهُوَ أَنَّ نُزُولَ الْمَلَكِ يَكُونُ دَائِمًا نِصْفَ اللَّيْلِ. قَالَ: وَنِصْفُ اللَّيْلِ يَكُونُ نِصْفًا عَنْ قَوْمٍ وَثُلُثًا عِنْدَ آخَرِينَ، فَلَا تَنَافِي بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ. قَالَ: وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ الشَّمْسَ إذَا انْتَصَفَ اللَّيْلُ أَحْدَثَتْ فِي الْعَالَمِ حَرَكَةً بِطَبْعِهَا وَحَرَارَتِهَا فَلَا يَبْقَى حَيَوَانٌ نَائِمٌ إلَّا وَتَحَرَّكَ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ تَقْرُبُ مِنْ الْأَرْضِ فَإِذَا تَحَرَّكَ اسْتَيْقَظَ فِي الْغَالِبِ، وَإِذَا اسْتَيْقَظَ يَلْقَاهُ الْمُنَادِي وَنَشَّطَهُ إلَى الْقِيَامِ لِلطَّاعَةِ فَيَقُولُ: هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ هَلْ مِنْ تَائِبٍ هَلْ مِنْ طَالِبِ حَاجَةٍ؟ وَفِي هَذِهِ أَسْرَارٌ غَرِيبَةٌ وَمَعَانٍ لَطِيفَةٌ فَسُبْحَانَ مَنْ هَذَا عَطَاؤُهُ وَجَلَّ مَنْ هَذَا قَضَاؤُهُ اهـ بِحُرُوفِهِ. وَذَكَر الْكِسَائِيُّ فِي كِتَابِهِ " عَجَائِبُ الْمَلَكُوتِ فِي قُدْرَةِ الْحَيّ الَّذِي لَا يَمُوتُ ". قَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ: خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الشَّمْسَ مِنْ نُورِ عَرْشِهِ وَخَلَقَ الْقَمَرَ مِنْ نُورِ حِجَابِهِ الَّذِي يَلِيهِ، وَكَانَ كَعْبٌ يَقُولُ: إنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ يُؤْتَى بِهِمَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُقْذَفَانِ فِي النَّارِ فَقِيلَ ذَلِكَ لِابْنِ عَبَّاسٍ. فَقَالَ: كَذَبَ كَعْبٌ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَثْنَى عَلَى الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ فَقَالَ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ: {وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ} [إبراهيم: 33] فَكَيْفَ يَقْذِفُهُمَا؟ قَالَ وَهْبٌ: وَقَدْ وَكَّلَ اللَّهُ بِهِمَا جَمِيعًا مَلَائِكَةً يُرْسِلُونَهُمَا بِمِقْدَارٍ وَيَقْبِضُونَهُمَا بِمِقْدَارٍ فَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ} [الحج: 61] فَمَا نَقَصَ مِنْ أَحَدِهِمَا زَادَ فِي الْآخَرِ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ اللَّهَ خَلَقَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ مِنْ نُورِ عَرْشِهِ أَحَدُهُمَا أَصْغَرُ مِنْ الْآخَرِ وَطَمَسَ أَصْغَرَهُمَا؛ وَلَوْ كَانَ تَرَكَهُمَا عَلَى خِلْقَتِهِمَا لَمْ يُعْرَفْ اللَّيْلُ مِنْ النَّهَارِ وَلَا الْأَزْمِنَةُ، فَأَمَرَ جِبْرِيلَ فَمَرَّ بِجَنَاحِهِ عَلَى وَجْهِ الْقَمَرِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَطَمَسَ عَنْهُ الضَّوْءَ فَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً} [الإسراء: 12] فَالسَّوَادُ الَّذِي فِي الْقَمَرِ شَبَهُ الْخُطُوطِ آثَارَ الْمَمْحُوِّ مِنْهُ، ثُمَّ خَلَقَ اللَّهُ لِلشَّمْسِ عَجَلَةً لَهَا ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ عُرْوَةً وَوَكَّلَ بِالشَّمْسِ وَالْعَجَلَةِ ثَلَاثَمِائَةٍ وَسِتِّينَ مَلَكًا قَدْ تَعَلَّقَ كُلُّ مَلَكٍ بِعُرْوَةٍ مِنْ تِلْكَ الْعُرَى، خَلَقَ لِلْقَمَرِ مِثْلَ ذَلِكَ وَخَلَقَ لَهُمَا مَشَارِقَ وَمَغَارِبَ فِي قُطْرِ الْأَرْضِ وَلِلسَّمَاءِ مِائَةٌ وَثَمَانُونَ عَيْنًا فِي الْمَغْرِبِ مِنْ طِينَةٍ سَوْدَاءَ تَفُورُ غَلْيًا كَغَلْيِ الْقِدْرِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي الْمَشْرِقِ كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ مِنْ مَطْلَعٍ جَدِيدٍ وَتَغْرُبُ فِي مَغْرِبٍ جَدِيدٍ، وَخَلَقَ بَحْرًا دُونَ سَمَاءِ الدُّنْيَا لَهُ مَوْجٌ مَكْفُوفٌ فَتَجْرِي فِيهِ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالْكَوَاكِبُ فِي لُجَّةِ ذَلِكَ، وَلَوْ بَدَتْ الشَّمْسُ مِنْ ذَلِكَ الْبَحْرِ لَأَحْرَقَتْ كُلَّ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ، وَلَوْ بَدَا الْقَمَرُ مِنْ ذَلِكَ الْبَحْرِ لَافْتُتِنَ الْعَالَمُونَ بِحُسْنِهِ حَتَّى يَعْبُدُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ، فَإِذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ طَلَعَتْ وَمَعَهَا ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ مَلَكًا نَاشِرُو أَجْنِحَتِهِمْ يَجُرُّونَهَا بِالتَّقْدِيسِ وَالتَّهْلِيلِ عَلَى قَدْرِ سَاعَاتِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، فَإِذَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ رُفِعَ بِهَا مِنْ سَمَاءٍ إلَى سَمَاءٍ حَتَّى تَبْلُغَ إلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ حَتَّى تَكُونَ تَحْتَ الْعَرْشِ فَتَخِرُّ سَاجِدَةً لِلَّهِ تَعَالَى وَتَسْجُدُ الْمَلَائِكَةُ الْمُوَكَّلُونَ بِهَا، ثُمَّ يَتَحَدَّرُونَ بِهَا مِنْ سَمَاءٍ إلَى سَمَاءٍ حَتَّى تَبْلُغَ بِهَا إلَى فَلَكِهَا، وَذَلِكَ حِينَ يَنْفَجِرُ الْفَجْرُ فَلَا تَزَالُ تُضِيءُ حَتَّى تَغْرُبَ، فَإِذَا كَانَ عِنْدَ الْغُرُوبِ أَقْبَلَ مَلَكٌ قَدْ وُكِّلَ بِاللَّيْلِ فَيَقْبِضُ قَبْضَةً مِنْ ظُلْمَةٍ خَلَقَهَا اللَّهُ عِنْدَ الْمَغْرِبِ، وَلَا يُزَالُ يُرْسِلُ تِلْكَ الظُّلْمَةَ قَلِيلًا قَلِيلًا حَتَّى يَنْشُرَ جَنَاحَيْهِ فَيَبْلُغَانِ قُطْرَ الْأَرْضِ وَكَنَفَيْ السَّمَاءِ فَلَا يَزَالُ يَسُوقُ الظُّلْمَةَ بِالتَّقْدِيسِ وَالتَّسْبِيحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْمَغْرِبَ، فَإِذَا بَلَغَ الْمَغْرِبَ انْفَجَرَ الصُّبْحُ مِنْ الْمَشْرِقِ وَلَا يُزَالُ يَقْبِضُ الظُّلْمَةَ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ حَتَّى يُضِيءَ النَّهَارُ فَذَلِكَ مَسِيرُ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ» اهـ.

نام کتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب نویسنده : البجيرمي    جلد : 1  صفحه : 395
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست