responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب نویسنده : البجيرمي    جلد : 1  صفحه : 25
لِلْمُبَالَغَةِ مِنْ مَصْدَرِ رَحِمَ، وَالرَّحْمَنُ أَبْلَغُ مِنْ الرَّحِيمِ، لِأَنَّ زِيَادَةَ الْبِنَاءِ تَدُلُّ عَلَى زِيَادَةِ الْمَعْنَى كَمَا فِي قَطَعَ بِالتَّخْفِيفِ وَقَطَّعَ بِالتَّشْدِيدِ، وَقُدِّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُ اسْمُ ذَاتٍ وَهُمَا اسْمَا صِفَةٍ، وَقُدِّمَ الرَّحْمَنُ عَلَى الرَّحِيمِ لِأَنَّهُ خَاصٌّ، إذْ لَا يُقَالُ لِغَيْرِ اللَّهِ بِخِلَافِ الرَّحِيمِ وَالْخَاصُّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَامِّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQمُشَبَّهَتَانِ) وَالصِّفَةُ الْمُشَبَّهَةُ هِيَ الصِّفَةُ الْمَصُوغَةُ لِغَيْرِ تَفْضِيلٍ لِإِفَادَةِ نِسْبَةِ الْحَدَثِ إلَى مَوْصُوفِهَا دُونَ إفَادَةِ الْحُدُوثِ وَالْمُرَادُ أَنَّهَا مُشَبَّهَةٌ بِاسْمِ الْفَاعِلِ فِي الْعَمَلِ. قَالَ الْأُشْمُونِيُّ: وَجْهُ الشَّبَهِ بَيْنَ الصِّفَةِ الْمُشَبَّهَةِ وَاسْمِ الْفَاعِلِ أَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى حَدَثٍ وَمَنْ قَامَ بِهِ، وَأَنَّهَا تُؤَنَّثُ وَتُثَنَّى وَتُجْمَعُ، وَلِذَلِكَ حُمِلَتْ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (بُنِيَتَا) أَيْ صِيغَتَا لِلْمُبَالَغَةِ أَيْ لِإِفَادَتِهَا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُمَا مِنْ صِيَغِ الْمُبَالَغَةِ لِأَنَّ صِيَغَ الْمُبَالَغَةِ مُنْحَصِرَةٌ فِي خَمْسَةٍ وَهِيَ الْمَذْكُورَةُ فِي قَوْلِ الْخُلَاصَةِ:
فَعَّالٌ أَوْ مِفْعَالٌ أَوْ فَعُولُ ... فِي كَثْرَةٍ عَنْ فَاعِلٍ بَدِيلُ
فَيَسْتَحِقُّ مَا لَهُ مِنْ عَمَلْ ... وَفِي فَعِيلٍ قَلَّ ذَا وَفَعَلْ
وَرَحْمَنٌ: لَيْسَ مِنْهَا وَالْمُبَالَغَةُ فِي أَسْمَائِهِ تَعَالَى كِنَايَةٌ عَنْ كَثْرَةِ الْمُتَعَلِّقَاتِ فَمَدْلُولُهَا زَائِدٌ عَلَى مَدْلُولِ اسْمِ الْفَاعِلِ لَا بِمَعْنَاهَا عِنْدَ الْبَيَانِيِّينَ، وَهِيَ أَنْ تُثْبِتَ لِلشَّيْءِ زِيَادَةً عَمَّا يَسْتَحِقُّهُ لِاسْتِحَالَةِ ذَلِكَ فِي حَقِّهِ تَعَالَى. قَالَ الزَّرْكَشِيّ: وَالْمُبَالَغَةُ إمَّا بِحَسَبِ زِيَادَةِ الْفِعْلِ أَوْ تَعَدُّدِ الْمَفْعُولَاتِ، وَذَلِكَ يُوجِبُ زِيَادَةَ الْفِعْلِ الْوَاحِدِ لِوُقُوعِهِ عَلَى مُتَعَدِّدٍ فَالْمُبَالَغَةُ فِي نَحْوِ: حَكِيمٌ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى تَكَرُّرُ حِكَمِهِ الْكَثِيرَةِ فِي الشَّرَائِعِ، بَلْ فِي الشَّرِيعَةِ الْوَاحِدَةِ، وَفِي التَّوَّابِ كَثْرَةُ مَنْ يَتُوبُ عَلَيْهِ
قَوْلُهُ: (مِنْ مَصْدَرِ رَحِمَ) أَيْ بَعُدَ تَنْزِيلُهُ مَنْزِلَةَ اللَّازِمِ أَوْ جَعَلَهُ لَازِمًا بِنَقْلِهِ إلَى فَعُلَ بِالضَّمِّ كَحَسُنَ وَكَرُمَ، أَيْ صَارَ ذَا حُسْنٍ وَذَا كَرَمٍ لِأَنَّ الصِّفَةَ الْمُشَبَّهَةَ لَا تُصَاغُ إلَّا مِنْ لَازِمٍ كَمَا قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ:
وَصَوْغُهَا مِنْ لَازِمٍ لِحَاضِرِ ... كَطَاهِرِ الْقَلْبِ جَمِيلِ الظَّاهِرِ
وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الرَّحْمَةَ رِقَّةٌ فِي الْقَلْبِ وَعَطْفٌ أَيْ مَيْلٌ نَفْسَانِيٌّ، وَهِيَ بِهَذَا الْمَعْنَى مُسْتَحِيلَةٌ عَلَيْهِ تَعَالَى لِكَوْنِهَا كَيْفِيَّةً نَفْسَانِيَّةً فَهِيَ مَجَازٌ مُرْسَلٌ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ السَّبَبِ عَلَى الْمُسَبِّبِ وَهُوَ الْإِحْسَانُ، فَتَكُونُ صِفَةَ فِعْلٍ أَوْ إرَادَتِهِ فَتَكُونُ صِفَةَ ذَاتٍ. قَوْلُهُ: (وَالرَّحْمَنُ أَبْلَغُ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَجْعَلَ هَذَا عِلَّةً لِتَقْدِيمِ الرَّحْمَنِ عَلَى الرَّحِيمِ كَمَا صَنَعَ غَيْرُهُ قَوْلُهُ: (أَبْلَغُ مِنْ الرَّحِيمِ) أَيْ أَعْظَمُ مَعْنًى مِنْ مَعْنَى الرَّحِيمِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ مُشْتَمِلٌ عَلَى مَعْنَى الرَّحِيمِ وَيَزِيدُ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ الْقَاعِدَةُ فِي أَفْعَلْ التَّفْضِيلِ، وَفِيهِ بِنَاءُ أَفْعَلْ التَّفْضِيلِ مِنْ مَزِيدٍ أَيْ بَالِغٍ وَهُوَ لَا يُصَاغُ إلَّا مِنْ ثُلَاثِيٍّ فَهُوَ مِنْ الْمُبَالَغَةِ لَا مِنْ الْبَلَاغَةِ لِأَنَّهَا لَا يُوصَفُ بِهَا الْمُفْرَدُ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّ زِيَادَةَ الْبِنَاءِ إلَخْ) هَذِهِ الْقَاعِدَةُ مَشْرُوطَةٌ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ: أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الصِّفَاتِ الْجِبِلِّيَّةِ فَخَرَجَ نَحْوُ شَرِهٍ وَنَهِمٍ لِأَنَّ الصِّفَاتِ الْجِبِلِّيَّةَ لَا تَتَفَاوَتُ، وَأَنْ يَتَّحِدَ اللَّفْظَانِ فِي النَّوْعِ فَخَرَجَ حَذِرٌ وَحَاذِرٌ، وَأَنْ يَتَّحِدَا فِي الِاشْتِقَاقِ فَخَرَجَ زَمِنٌ وَزِمَانٌ إذْ لَا اشْتِقَاقَ فِيهِمَا.
قَوْلُهُ: (وَهُمَا اسْمَا صِفَةٍ) أَيْ وَاسْمُ الذَّاتِ مُقَدَّمٌ عَلَى اسْمِ الصِّفَةِ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ خَاصٌّ) وَأُجِيبُ عَنْ قَوْلِ أَهْلِ الْيَمَامَةِ فِي مُسَيْلِمَةَ: لَا زِلْت رَحْمَانًا بِأَنَّهُ مِنْ تَعَنُّتِهِمْ فِي كُفْرِهِمْ، أَيْ إنَّ هَذَا الِاسْتِعْمَالَ غَيْرُ صَحِيحٍ دَعَاهُمْ إلَيْهِ لَجَاجُهُمْ فِي كُفْرِهِمْ بِزَعْمِهِمْ نُبُوَّةَ مُسَيْلِمَةَ فَخَرَجُوا بِمُبَالَغَتِهِمْ فِي كُفْرِهِمْ عَنْ مَنْهَجِ اللُّغَةِ حَتَّى اسْتَعْمَلُوا الْمُخْتَصَّ بِاَللَّهِ تَعَالَى فِي غَيْرِهِ، وَقِيلَ: إنَّهُ شَاذٌّ لَا اعْتِدَادَ بِهِ، وَقِيلَ: مُعْتَدٌّ بِهِ وَالْمُخْتَصُّ بِاَللَّهِ الْمُعَرَّفُ بِاللَّامِ اهـ مُحَلَّى بِزِيَادَةٍ. وَالْيَمَامَةُ اسْمُ مَدِينَةٍ مَعْرُوفَةٍ.
قَوْلُهُ: (إذْ لَا يُقَالُ) صَوَابُهُ إذْ لَمْ يَقُلْ ق ل. أَيْ لِأَنَّ الدَّلِيلَ عَلَى الِاخْتِصَاصِ كَوْنُ أَهْلِ اللِّسَانِ لَمْ يَقُولُوهُ لَا كَوْنُهُ لَا يُقَالُ. وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمَعْنَى لَا يُقَالُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لِكَوْنِ أَهْلِ اللُّغَةِ لَمْ يَقُولُوهُ. وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: إنَّ الْمَنْعَ مِنْ إطْلَاقِ الرَّحْمَنِ عَلَى غَيْرِهِ شَرْعِيٌّ طَرَأَ بَعْدَ الْإِسْلَامِ، وَعَلَيْهِ لَا يَرُدُّ قَوْلُ أَهْلِ الْيَمَامَةِ لِأَنَّ الْمَعْنَى لَا يُقَالُ شَرْعًا.
قَوْلُهُ: (وَالْخَاصُّ مُقَدَّمٌ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ هَذَا مَحَلُّهُ فِيمَا مَدْلُولُهُ خَاصٌّ وَمَا مَدْلُولُهُ عَامٌّ كَفَقِيهٍ وَعَالِمٍ فَتَقُولُ زَيْدٌ فَقِيهٌ وَعَالِمٌ، وَلَا تَقُولُ زَيْدٌ عَالِمٌ وَفَقِيهٌ، لِأَنَّ لِذِكْرِ الْعَامِّ بَعْدَ الْخَاصِّ فَائِدَةً بِخِلَافِ الْعَكْسِ وَمَا هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ الرَّحْمَنَ الرَّحِيمَ وَصْفَانِ أَحَدُهُمَا خَاصٌّ بِمَوْصُوفٍ، وَالْآخَرُ عَامٌّ يُطْلَقُ عَلَيْهِ وَعَلَى غَيْرِهِ، ثُمَّ أُجْرِيَا عَلَى ذَلِكَ

نام کتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب نویسنده : البجيرمي    جلد : 1  صفحه : 25
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست