responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب نویسنده : البجيرمي    جلد : 1  صفحه : 117
بَعْضُهَا وَإِنْ قَلَّ لِزِينَةٍ حَرُمَ اسْتِعْمَالُهُ وَاِتِّخَاذُهُ، أَوْ صَغِيرَةً بِقَدْرِ الْحَاجَةِ فَلَا تَحْرُمُ لِلصِّغَرِ وَلَا تُكْرَهُ لِلْحَاجَةِ. وَلِمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ قَالَ: «رَأَيْت قَدَحَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَكَانَ قَدْ انْصَدَعَ أَيْ انْشَقَّ فَسَلْسَلَهُ بِفِضَّةٍ» أَيْ شَدَّهُ بِخَيْطِ فِضَّةٍ وَالْفَاعِلُ هُوَ أَنَسٌ كَمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ قَالَ أَنَسٌ: «لَقَدْ سَقَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي هَذَا الْقَدَحِ أَكْثَرَ مِنْ كَذَا وَكَذَا» . أَوْ صَغِيرَةً وَكُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا لِزِينَةٍ أَوْ كَبِيرَةً كُلُّهَا لِحَاجَةٍ جَازَ مَعَ الْكَرَاهَةِ فِيهِمَا، أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِلصِّغَرِ وَكُرِهَ لِفَقْدِ الْحَاجَةِ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِلْحَاجَةِ وَكُرِهَ لِلْكِبَرِ، وَضَبَّةُ مَوْضِعِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالصَّنْعَةِ وَدُونَ الْمُتَّخَذِ مِنْ طِيبٍ غَيْرِ رَفِيعٍ كَصَنْدَلٍ.
قَوْلُهُ: (وَلَا يَظْهَرُ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ مَوْجُودٌ لَكِنَّهُ خَفِيٌّ. قَوْلُهُ: (وَمَا ضُبِّبَ مِنْ إنَاءٍ بِفِضَّةٍ إلَخْ) .
حَاصِلُهُ أَنَّ الْإِنَاءَ الْمُضَبَّبَ بِالْفِضَّةِ ضَبَّةً كَبِيرَةً حَرَامٌ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ، وَفِيهِ تَفْصِيلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَحْرُمُ الْمُضَبَّبُ بِالْفِضَّةِ مُطْلَقًا فَالْأَوَّلُ مُشَدَّدٌ وَالثَّانِي مُخَفَّفٌ. وَوَجْهُ الْأَوَّلِ كَمَالُ الشَّفَقَةِ عَلَى دِينِ الْأُمَّةِ، وَالْوَرَعُ التَّبَاعُدُ عَنْ الْإِنَاءِ الْمُضَبَّبِ كَالتَّبَاعُدِ عَنْ الْإِنَاءِ الْكَامِلِ مِنْ الْفِضَّةِ، وَوَجْهُ الثَّانِي الْعَفْوُ عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ ذَكَرَهُ الشَّعْرَانِيُّ فِي الْمِيزَانِ. وَقَوْلُهُ: تَفْصِيلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ.
حَاصِلُ الصُّوَرِ أَنَّهَا إمَّا أَنْ تَكُونَ كَبِيرَةً أَوْ صَغِيرَةً، وَكُلٌّ مِنْهَا إمَّا لِزِينَةٍ وَإِمَّا لِحَاجَةٍ أَوْ بَعْضُهَا لِزِينَةٍ وَبَعْضُهَا لِحَاجَةٍ، فَهِيَ سِتُّ صُوَرٍ. صُورَتَانِ مُحَرَّمَتَانِ وَهُمَا الْكَبِيرَةُ كُلُّهَا لِزِينَةٍ أَوْ بَعْضُهَا لِزِينَةٍ وَبَعْضُهَا لِحَاجَةٍ، لِأَنَّهُ لَمَّا انْبَهَمَ مَا لِلزِّينَةِ وَلَمْ يَتَمَيَّزْ عَمَّا لِلْحَاجَةِ صَارَ الْمَجْمُوعُ كَأَنَّهُ لِلزِّينَةِ، وَالثَّالِثَةُ لَا كَرَاهَةَ فِيهَا وَهِيَ الصَّغِيرَةُ لِحَاجَةٍ. وَتُكْرَهُ فِي الثَّلَاثَةِ الْبَاقِيَةِ وَهِيَ الصَّغِيرَةُ كُلُّهَا لِزِينَةٍ أَوْ بَعْضُهَا لِزِينَةٍ وَبَعْضُهَا لِحَاجَةٍ وَالْكَبِيرَةُ الَّتِي كُلُّهَا لِحَاجَةٍ. وَأَصْلُ الضَّبَّةِ مَا يُصْلَحُ بِهِ خَلَلُ الْإِنَاءِ، وَالْمُرَادُ هُنَا الْأَعَمُّ وَإِنْ اسْتَوْعَبَ غَالِبَ الْإِنَاءِ فَإِنْ تَمَيَّزَ الزَّائِدُ حَرُمَ الزَّائِدُ فَقَطْ إنْ عَدَّهُ الْعُرْفُ كَبِيرًا وَإِلَّا فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ.
قَوْلُهُ: (ضَبَّةً كَبِيرَةً) تَوَسَّعَ الشَّارِحُ تَبَعًا لِمَتْنِ الْمِنْهَاجِ بِنَصْبِ ضَبَّةٍ عَلَى الْمَفْعُولِ الْمُطْلَقِ إذْ أَكْثَرُ مَا يَكُونُ مَصْدَرًا وَهُوَ الْحَدَثُ الْجَارِي عَلَى الْفِعْلِ، وَأَمَّا هَذَا فَهُوَ اسْمُ عَيْنٍ لِأَنَّ الضَّبَّةَ هِيَ الصُّفَيْحَةُ الَّتِي أُصْلِحَ بِهَا الْإِنَاءُ. اهـ. م ر.
قَوْلُهُ: (حَرُمَ اسْتِعْمَالُهُ) سَكَتَ عَنْ نَفْسِ الْفِعْلِ الَّذِي هُوَ التَّضْبِيبُ فَهَلْ يَحْرُمُ مُطْلَقًا كَالتَّمْوِيهِ أَوْ يُفَرَّقُ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ تَعْلِيلِ حُرْمَةِ التَّمْوِيهِ مُطْلَقًا بِأَنَّهُ إضَاعَةُ مَالٍ؟ وَلَعَلَّ الثَّانِيَ أَقْرَبُ. اهـ. سم عَلَى ابْنِ حَجَرٍ ع ش عَلَى م ر.
قَوْلُهُ: (بِقَدْرِ الْحَاجَةِ) الْمُرَادُ بِالْحَاجَةِ قَصْدُ الْإِصْلَاحِ لَا الْعَجْزُ عَنْ غَيْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، لِأَنَّ الْعَجْزَ عَنْ غَيْرِهِمَا يُبِيحُ اسْتِعْمَالَهُمَا. اهـ. مَرْحُومِيٌّ. قَوْلُهُ: (قَدَحَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) وَاشْتُرِيَ هَذَا الْقَدَحُ مِنْ مِيرَاثِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ بِثَمَانِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَرُوِيَ عَنْ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ رَآهُ بِالْبَصْرَةِ وَشَرِبَ مِنْهُ قَالَ: وَهُوَ قَدَحٌ جَيِّدٌ عَرِيضٌ نُضَارٌ بِضَمِّ النُّونِ وَهُوَ الْخَالِصُ مِنْ الْعُودِ وَهُوَ خَشَبٌ طَيِّبُ الرَّائِحَةِ، وَيُقَالُ أَصْلُهُ مِنْ الْأَثْلِ وَلَوْنُهُ يَمِيلُ إلَى الصُّفْرَةِ، وَكَانَ مُتَطَاوِلًا طُولُهُ أَقْصَرُ مِنْ عُمْقِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْبِرْمَاوِيُّ. وَالظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ أَيْ شَدَّهُ بِخَيْطِ فِضَّةٍ أَنَّ الضَّبَّةَ كَانَتْ صَغِيرَةً، وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا كُلَّهَا لِحَاجَةٍ فَهَذِهِ صُورَةُ الْإِبَاحَةِ. قَالَ سم: وَنُوزِعَ فِي هَذَا الدَّلِيلِ بِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - شَرِبَ فِي هَذَا الْقَدَحِ وَهُوَ مُسَلْسَلٌ بِالْفِضَّةِ، وَإِنَّمَا رُئِيَ هَذَا الْقَدَحُ عِنْدَ أَنَسٍ بَعْدَهُ. وَالْجَوَابُ أَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - رَأَتْهُ عِنْدَ أَنَسٍ وَلَمْ يُنْكِرُوهُ فَكَانَ إجْمَاعًا سُكُوتِيًّا وَنَصَّ عَلَيْهِ الْبِرْمَاوِيُّ أَيْضًا اهـ. وَأَقُولُ مَا ذَكَرَهُ سم بِقَوْلِهِ لَمْ يَثْبُتْ إلَخْ مَرْدُودٌ بِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُنَا بِقَوْلِهِ قَالَ أَنَسٌ: «لَقَدْ سَقَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي هَذَا الْقَدَحِ» إلَخْ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْإِشَارَةَ عَائِدَةٌ إلَى الْإِنَاءِ بِصِفَتِهِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا، وَاحْتِمَالُ عَوْدِهَا إلَيْهِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ صِفَتِهِ خِلَافُ الظَّاهِرِ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ فَتَأَمَّلْ. وَنَقَلَ ابْنُ سِيرِينَ أَنَّهُ كَانَ فِيهِ حَلْقَةٌ مِنْ حَدِيدٍ، فَأَرَادَ أَنَسٌ أَنْ يَجْعَلَ مَكَانَهَا حَلْقَةً مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فَقَالَ أَبُو دُجَانَةَ: لَا تُغَيِّرَنَّ شَيْئًا وَضَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتُرْأَبُوا اهـ.
قَوْلُهُ: (وَكُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا لِزِينَةٍ) فَإِنْ كَانَتْ لِحَاجَةٍ فَلَا كَرَاهَةَ.
قَوْلُهُ: (لِحَاجَةٍ) وَشَمِلَ الضَّبَّةَ لِلْحَاجَةِ مَا لَوْ عَمَّتْ جَمِيعَ الْإِنَاءِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى حِينَئِذٍ ضَبَّةً مَمْنُوعٌ، فَلَوْ اجْتَمَعَ فِي الْإِنَاءِ ضَبَّاتٌ صِغَارٌ لِزِينَةٍ، فَإِنْ كَانَ الْمَجْمُوعُ قَدْرَ ضَبَّةٍ كَبِيرَةٍ حَرُمَتْ وَمِنْ الضَّبَّةِ مَسَامِيرُ الْقَبْقَابِ وَالْعَصَا فَيَجْرِي فِيهَا التَّفْصِيلُ اهـ اج.

نام کتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب نویسنده : البجيرمي    جلد : 1  صفحه : 117
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست