نام کتاب : رحلة الصديق إلى البلد العتيق نویسنده : صديق حسن خان جلد : 1 صفحه : 142
يقل: إن زيارة القبور محرمة أو مكروهة، بل هي مستحبة عنده أيضاً؛ للدعاء للموتى، مع السلام عليهم، وإنما الكلام في السفر إليها، وليس في المسألة إجماع لتحقيق ثبوت الخلاف فيها عن بعض المجتهدين، وإن كان قوله ضعيفاً من حيث الدليل، قال ابن البطال: كره قوم زيارة القبور؛ لأحاديث في النهي عنها، وقال الشعبي: لولا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن زيارة القبور، لزرت، انتهى.
وقال إبراهيم النخعي: كانوا يكرهون زيارة القبور. وعن ابن سيرين مثلُه، وبه قال مالك، والجويني، وعياض، فأي ذنب لشيخ الإسلام ابن تيمية إن قال به؟ وليس هو بمتفرد بهذا القول، والمقصود: أن الإجماع المذكور في هذه المسألة غير محقق.
واستدلوا خامساً بالقياس، وقالوا: جاء في السنة الصحيحة: الأمرُ بزيارة القبور، فقبرُ نبينا منها أولى وأحقُّ، وثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - زار أهل البقيع، وشهداء أحد، وقد مر الجواب عن ذلك بأن هذا خارج عما نحن فيه؛ لأن الكلام في السفر إلى زيارة القبور؛ لا في نفس الزيارة.
واحتج من قال: إنها غير مشروعة بحديث: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد"، وهو في الصحيح، وحديث: "لا تتخذوا قبري عيداً" رواه عبد الرزاق، قال النووي في "شرح مسلم": اختلف العلماء في شد الرحال لغير الثلاثة؛ كالذهاب إلى قبور الصالحين، وإلى المواضع الفاضلة، فذهب الشيخ أبو محمد الجويني إلى حرمته، وأشار عياض إلى اختياره، والصحيح عند أصحابنا: أنه لا يحرم، ولا يكره، قالوا: والمراد: أن الفضيلة الثابتة إنما هي لشد الرحال إلى هذه الثلاثة خاصة، انتهى.
وقد أجاب الجمهور عن حديث شد الرحال: بأن القصر فيه إضافي باعتبار المساجد، لا حقيقي، قالوا: والدليل على ذلك ما في بعض ألفاظ الحديث: "لا ينبغي للمطي أن تشدَّ رحالُها إلى مسجد ينبغي فيه الصلاة غير مسجدي هذا، أو المسجد الحرام، والمسجد الأقصى"، فالزيارة وغيرها خارجة عن النهي، لكن إن صح هذا الخبر، فلينظر فيه.
نام کتاب : رحلة الصديق إلى البلد العتيق نویسنده : صديق حسن خان جلد : 1 صفحه : 142