كما سبق في حمل الإهاب على الجلد قبل الدبغ.
ثالثاً: أن القول بالنسخ إبطال لإحد الدليلين، وعمل بدليل واحد، قد يكون الصواب خلافه، بينما الجمع يقتضي العمل بالدليلين معاً دون مناقضة بينهما.
وذهب ابن تيمية إلى أنه ناسخ لإباحة الانتفاع قبل الدبغ، وليس ناسخاً للانتفاع مطلقاً، قال ابن تيمية رحمه الله:
" ثبت في الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: إنما حرم من الميتة أكلها، ثم إنه حرم لبسها قبل الدباغ، وهذا وجه قوله في حديث عبد الله بن عكيم: كنت رخصت لكم في جلود الميتة، فإذا جاءكم كتابي هذا فلا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب، فإن الرخصة متقدمة كانت في الانتفاع بالجلود بلا دباغ كما ذهب إليه طائفة من السلف، فرفع النهي عما أرخص فأما الانتفاع بها بعد الدباغ فلم ينه عنه قط، ولهذا كان آخر الروايتين عن أحمد أن الدباغ مطهر لجلود الميتة [1].
وأما دليلهم على جواز الانتفاع بعد الدبغ في يابس وماء. الدليل الأول:
(131) ما رواه مالك، عن يزيد بن عبد الله بن قسيط، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن أمه،
عن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر أن يستمتع بجلود الميتة إذا دبغت [2]. [1] الفتاوى الكبرى (1/ 42). [2] الموطأ (2/ 498).