المبحث الثاني
في الماء الكثير إذا غيرته النجاسة
إذا وقعت في الماء نجاسة فغيرته، فإنه نجس لا فرق بين قليله وكثيره، وقد نقل الإجماع على ذلك طوائف من أهل العلم.
قال الطحاوي من الحنفية: أجمعوا أن النجاسة إذا وقعت في البير، فغلبت على طعم مائها، أو ريحه، أو لونه، أن ماءها قد فسد [1].
وقال ابن نجيم أيضاً: اعلم أن العلماء أجمعوا على أن الماء إذا تغير أحد أوصافه بالنجاسة لا تجوز الطهارة منه قليلاً أو كثيراً، جارياً كان أو غير جار، هكذا نقل الإجماع في كتبنا [2].
وقال القاضي أبو الوليد ابن رشد من المالكية: لا خلاف أن الماء الكثير لا ينجسه ما حل فيه من النجاسة إلا أن يغير أحد أوصافه [3].
وقال الشافعي رحمه الله: وما قلت من أنه إذا تغير طعم الماء أو ريحه، أو لونه، كان نجساً، يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من وجه لا يثبت مثله أهل الحديث، وهو قول العامة لا أعلم بينهم فيه اختلافاً [4].
وقال النووي: واعلم أن حديث بئر بضاعة عام مخصوص، خص منه [1] شرح معاني الآثار (1/ 12)، ونقل الإجماع العيني كما في البناية (1/ 130)، وابن الهمام كما في شرح فتح القدير (1/ 77)، وغيرهما. [2] البحر الرائق (1/ 74). [3] مواهب الجليل (1/ 53،60)، وانظر مقدمات ابن رشد (1/ 57)، والمنتقى للباجي (1/ 56،59)، وقال ابن العربي في عارضة الأحوذي (1/ 223): فإن تغير الماء لم يطهر إجماعاً. وانظر البيان والتحصيل (1/ 42،60،134)، القوانين الفقهية (32). [4] الأم (1/ 13).