المبحث الأول
في الماء الكثير إذا لاقته نجاسة فلم تغيره
قد علمنا في المسألة السابقة خلاف العلماء في تحديد القليل والكثير، فإذا كان الماء كثيراً، فوقعت فيه نجاسة، فلم تغيره، فما حكمه؟
والجواب إن كان هذا الكثير مما يشق نزحه، وإذا حرك طرفه لم يتحرك الطرف الأخر فإنه طهور إجماعاً، ساق الإجماع على ذلك طوائف من أهل العلم، من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة، وغيرهم من المجتهدين.
قال ابن الهمام من الحنفية: للإجماع على أن الكثير لا ينجس إلا به. يعني: بالتغير [1].
وقال أبو الوليد بن رشد، من المالكية: لا خلاف أن الماء الكثير لاينجسه ما حل فيه من النجاسة إلا أن يغير أحد أوصافه [2].
وقال ابن المنذر: أجمعوا على أن الماء الكثير من النيل والبحر، ونحو ذلك إذا وقعت فيه نجاسة، فلم تغير له لوناً ولا طعماً ولا ريحاً أنه بحاله يتطهر منه [3].
وقال عبد الرحمن بن قدامة من الحنابلة: لا نعلم خلافاً أن الماء الذي لا [1] شرح فتح القدير (1/ 77،78)، وانظر البناية (1/ 319)، البحر الرائق (1/ 94). [2] مواهب الجليل (1/ 53)، ونقل الإجماع كذلك ابن عبد البر كما في التمهيد (9/ 108)، وقال ابن رشد الحفيد في بداية المجتهد (1/ 245): " واتفقوا على أن الماء الكثير المستبحر لا تضره النجاسة التي لم تغير أحد أوصافه، وأنه طاهر ".
وقال الحطاب في مواهب الجليل (1/ 53): الماء الكثير إذا خالطه شيء نجس، ولم يغيره، فإنه باق على طهوريته. اهـ وانظر الخرشي (1/ 77). [3] الإجماع (ص: 33)، وانظر الأوسط (1/ 261).