المبحث الثاني الماء المتغير بطاهر يشق صون الماء عنه
مثاله: ماء نابت بجواره أشجار كثيرة، فإذا حركت الرياح الأشجار تساقطت الأوراق .. فتقع تلك الأوراق في الماء فيتغير بها.
أو نبت في الماء طحلب فتغير بسببه فهنا تغير الماء بشيء طاهر وليس بنجس، وهذا الطاهر يصعب الاحتراز منه، فما حكمه؟
اختلف الفقهاء في ذلك:
فقيل: الماء طهور، وهو مذهب الجمهور من الحنفية [1]، والشافعية [2] والحنابلة [3]، واختاره العراقيون من أصحاب الإمام مالك [4]، ورجحه [1] لا يفرق الحنفية بين ما يشق التحرز منه، وما لا يشق، والتغير عندهم بشيء طاهر لا يضر مطلقاً، انظر البناية (1/ 304). [2] قال الشيرازي في المهذب (1/ 150): " وإن تغير أحد أوصافه من طعم أو لون أو رائحة نظرت، فإن كان مما لا يمكن حفظ الماء منه كالطحلب، وما يجري عليه الماء من الملح والنورة وغيرهما جاز الوضوء به؛ لأنه لا يمكن صون الماء منه، فعفي عنه .. الخ كلامه.
قال النووي شارحاً لعبارته (1/ 150): " أما قوله: إذا تغير بما لا يمكن حفظه منه جاز الوضوء به، فمجمع عليه، ووجهه ما ذكره من تعذر الاحتراز ".
وقول النووي: مجمع عليه، إن كان يقصد في المذهب فذاك، وإن كان يقصد الإجماع العام، فغير مسلم؛ لأن الخلاف فيه محفوظ في المذهب المالكي، كما سيأتي، والله أعلم. [3] قال صاحب المغني (1/ 25): " الثاني ما لا يمكن التحرز منه، كالطحلب، وسائر ما ينبت في الماء، وكذلك ورق الشجر الذي يسقط في الماء، أو تحمله الريح فتلقيه فيه، وما تجذبه السيول من العيدان والتبن ونحوه، فتلقيه في الماء، وما هو في قرار الماء كالكبريت والقار وغيرهما إذا جرى عليه الماء فتغير به، أو كان في الأرض التي يقف فيها الماء، فهذا كله يعفى عنه؛ لأنه يشق التحرز منه ... الخ كلامه رحمه الله. وانظر الإنصاف (1/ 22). [4] قال محمد البناني على حاشية الزرقاني (1/ 13): " الذي يظهر من كلام أهل =