ثانياً: أن الكراهة حكم شرعي يقوم على دليل شرعي ووجود الخلاف ليس من أدلة الشرع المتفق عليها ولا المختلف فيها.
ثالثاً: لو أخذنا بالخلاف كدليل أو تعليل للحكم الشرعي للزم أن كل مسألة خلافية نقول إنها مكروهة، وهذا لا يقول به أحد.
فالصحيح أن الخلاف نوعان:
نوع يكون الخلاف فيه ضعيفاً جداً، فهذا نطرحه ولا نبالي.
وليس كل خلاف جاء معتبراً ... إلا خلافاً له حظ من النظر.
فإذا كان الخلاف ليس له حظ من النظر الشرعي أو العقلي (الأثر أو التعليل) فلا يراعى.
النوع الثاني من الخلاف: خلاف يكون قوياً فتجد كل قول في المسألة له دليل قوي.
فهنا يقال: إن الخروج من الخلاف فيه احتياط، وليس السبب وجود الخلاف وإنما السبب هو احتمال الأدلة .. فهو من باب دع ما يريبك إلا ما لا يريبك.
دليل من قال الماء طاهر غير مطهر.
قالوا: إن هذا الماء قد تغير بطاهر فيكون كما لو تغير بغير ممازج، قال أبو الخطاب: من سلم من أصحابنا أن التغير بالكافور والعود والدهن لا يمنع من الطهارة، قال: لأن ذلك تغير مجاورة لا مخالطة، والمانع تغير المخالطة، وهذا غير صحيح، فإن الكافور يوجد طعمه في الماء ومرارته، وكذلك طعم الدهن، وليس ذلك إلا بحصول جزء منه في الماء، ومخالطة له [1]. [1] الانتصار (1/ 127).