تعرف حقيقته من كلامنا على حكم تبدل النية في أثناء الصلاة. وقد أشار هذا المتأخر إلى أن وجه قول عيسى: ينتقض عليهم أجمع أنه قد حصل للمسافرين، في هذه الصلاة إمامان مسافر ومقيم. وحكم الصلاة خلف كل واحد منهما يختلف، واتباع حكم أحدهما مخالفة على الآخر. وقد كنا قدمنا نحن خلاف هذا التعليل، وأن التعليل هو كون القطع ها هنا كالتعمد لقطع الصلاة وهو أولى؛ لأنه تعليل يعم من خلفه من الحاضرين [1] والمسافرين. وقالت الشافعية إذا نوى الإِمام الإقامة في أثناء الصلاة أتم ولزم من خلفه الإئتمام، [2] كما لو ائتموا بمقيم أول الصلاة. وقد اختلف الناس في مسافر صلّى خلف مقيم ففسدت صلاة الإِمام، فقال أبو حنيفة لا يلزم المأموم الإتمام لأنه إنما لزمه حكم الاقتداء فإن زال الاقتداء سقط حكمه كما إذا صلّى الجمعة. وقالت الشافعية الفرق بينهما أن الجمعة لا تقضى. ومسالتنا مما يصح فيها القضاء فيلزم المأموم إتمامها على الوجه الذي دخل عليه. وهكذا قالت الشافعية إذا ائتم مسافر بمقيم ثم أفسد صلاته فإنه يلزمه الإتمام كما لم تفسد صلاته. وقال الثوري يصلي ركعتين. وهذا يعلم حقيقة القول فيه من كلامنا على نية المسافر.
والتزامه لما يلتزم من العدد [3].
والجواب عن السؤال الثالث: أن يقال: إذا قلنا إن القصر فرض المسافر فيما ينويه كالحاضر لأن كل واحد فرضه متعين، إما ركعتان أو أربع. ولهذا قال أبو حنيفة لا يفتقر إلى نية القصر لأنه كان يراه فرضًا. وإذا قلنا إن القصر ليس بفرض قيل من شرط جوازه أن ينويه عند عقد الإحرام. قال بعض أشياخي لا يصح أن يلتزم القصر أو الإتمام قبل الشروع في الصلاة ويصح أن يدخل في الصلاة على أنه بالخيار بين القصر والإتمام، وكأنه رأى أن عدد الركعات لا يلزم المصلي أن يعقد في نيته حين الإحرام. وقد أشرنا إلى هذا حين تكلمنا على مسافر، ائتم بإمام لم يعلم هل هو مسافر أو مقيم. ولا شك أن المصلي إذن لم [1] الحاضرين = ساقطة -و-. [2] هكذا في جميع النسخ ولعل الصواب: الإتمام. [3] لما يلزم العدد -و-.