فالغرض منه السؤال عن تعليل الحكم ببيان ما يكون به مدركًا. واحتجوا أيضًا بأنه قد ألزم نفسه موجب تحريم الإِمام بدخوله معه فلزمه ما التزم. وأجيبوا عن هذا بأنه إنما يكون ملتزمًا إذا أدرك الصلاة ولا يدركها بأقل من ركعة. واحتجوا أيضأ بأنه قد أخذه حكم الإِمام لأن الإِمام لو أحدث متعمدًا لأبطل عليه. وأجاب ابن القصار عن هذا بأن ظاهره لأ يسلمه بل يقول يبني على إحرامه. وهذا حكم المسافر إذا صلّى خلف مقيم وهو عالم أن الإِمام مقيم. وإن صلّى خلف من لا يعرف حاله فإن صلاته مجزية قاله سحنون. وقالت الشافعية يلزم الإتمام وإن قصّر إمامه. وكان سحنونًا رأى أن ليس من شرط صحة الصلاة التعرض لعدد ركعاتها ها هنا. وأجاز [1] اعتقاد مطابقة الإِمام في نيته [2] على الجملة لا يعلم [3] تفصيلها مع اعتقاد الوجوب على الجملة. وهذا كطريقة أشهب فإنه قال في الموازية فيمن صلّى مع الإِمام وهو لا يدري يومه ذلك أيَوْمَ جمعة أم يوم خميس فإنه يجزيه ما صادف من ذلك. فإن دخل على إحداهما فصادف الأخرى فإنه لا يجزئ. فأنت ترى كيف فرّق بين نية الإجمال وبين نية التفصيل إذا أخطأ فيها.
وهذا كما وقع في الحج: فإن أبا موسى أحرم وأهل بالتلبية ثم قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة في حجة الوداع فقال - صلى الله عليه وسلم -: بم أهللت؟ فقال له: بما أهل به نبي الله - صلى الله عليه وسلم - [4]. فقال: قد أحسنت. وقدم عَليٌّ من سقايته فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: بم أهللت؟ فقال بما أهل به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقال: أهل وآمكث حرامًا. فأنت ترى كيف وقعت نية هذين رضي الله عنهما في الحج محالة على نية النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم ينكر ذلك عليهما مع كون أفعال الحج لا تلزم فيها المتابعة كما تلزم في الصلاة خلف الإِمام. وأما قول الشافعية يلزم الإتمام وإن قصر إمامه، فلعلهم رأوه ل ماجهل حال [5] الإِمام ودخل مع الإِمام على الإتمام لأن الأصل [1] أجاب -و-. [2] بقيته -و-. [3] اعلم -و-. [4] وراه البخاري ومسلم. فح الباري ج 4 ص 160 - 16 أو إكمال الإكمال ج 3 ص [5] فلعلهم أوهموا لما جهل الإِمام -و-.