الروايات التي نوردها. قال ابن الحارث اتفقوا على أن من دخل في صلاة المقيم في المساجد الثلاثة العظام أو في جوامع الأمصار ومع الإِمام أكبر أنه يتم ولا تجب عليه إعادة. واختلفوا فيما سوى ذلك فروى [1] ابن القاسم وابن الماجشون تقدمة القصر فإن ائتم بمقيم أعاد عند ابن الماجشون في الوقت ولم يعد عند ابن القاسم. وروى ابن شعبان في مختصره لا بأس بصلاة المسافر خلف المقيم لفضله وسِنه وفهمه. وقال مالك في المستخرجة إن قدموا المقيم لسنه وفضله أو لأنه صاحب المنزل فليصلوا بصلاته صلاة مقيم. وقال مالك أيضًا صلاة المسافر وحده أو مع أصحابه خير له [2] من صلاته مع المقيمين إلا في المساجد الجامعة التي يرجى فضلها، أو ينزل المسافر بالرجل في منزله فلا أرى بأسًا أن يصلي في منزله؛ لأن الرجل أحق بالإمامة في منزله. فأنت ترى كيف أشار ابن الحارث إلى الاتفاق على أن فضيلة القصر لا ترجح على فضيلة الجماعة إذا كثرت الجماعة الكثرة التي أشار إليها. وهذا كنحو ما ذكره ابن حبيب من أن فضل الجماعة يختلف. وأنه كلما كثرت الجماعة كان أكثر أجرًا. وكذلك أيضًا ما أشار إليه من أن الإِمام الأكبر إنما خصّ بذلك لأن الإِمام الأكبر ومن في معناه من الأمراء تلزم طاعتهم، والإجماع عليهم. والانفراد بالصلاة دونهم إظهار الخلاف عليهم فالصلاة خلفهم أفضل من الإنفراد. وكذلك أيضًا ما ذكرناه من تخير صاحب المنزل، والأفضل الأسن، إنما ذلك لاستحقاق صاحب المنزل وفضيلة الصلاة خلف الأفضل والأسن. وهذا كله يشعر بأن فضيلته ترجحت على الجماعة حتى غلب [3] بجواز الخروج منه أحد الأعذار المذكررة. وحكى بعض الأشياخ أن الظاهر من قول مالك تقدم فضيلة الجماعة. وأورد ذلك مطلقًا. وإذا ائتم المسافر بالمقيم على الصفة التي أشرنا إلى النهي عنها فقد ذكرنا ما حكاه ابن الحارث من اختلاف ابن القاسم وابن الماجشون في الإعادة.
وروى مطرّف عن مالك أنه كره للمسافر أن يدخل في صلاة المقيم ورأى أن صلاته وحده خير له. فإن دخل معه فلا إعادة عليه. وقال مالك أيضًا في [1] فرأي -و-. [2] له = ساقطة -و-. [3] طلب - قل.