يجلس للتشهد أعاد الصلاة* [1] ورأى أن الزيادة على ركعتين تطوع. فإذا خلط المكتوبة بالتطوع قبل أن يتشهد في الركعتين بطلت صلاته. ومن أنكر كون القصر فرضًا فلا يعتقد في الركعتين المزيدتين النافلة المحضة. وإذا لم يعتقد ذلك بطل قوله. وثبت أن القصر فرض. وأجيب عن هذا بأن الأصل إيجاب أربع ركعات.
والقصر طارئ. فوجب أن للمكلف الخيار في إسقاطه الركعتين. وقد قال عليه الصلاة والسلام صدقة تصدق الله بها عليكم [2] فإذا لم تقبل الصدقة بقيت الأربع على أصل الوجوب ولم تصِرْ الركعتان نافلة. وهذا بخلاف ما ليس له حكم في الأصل فإنه متى قيل فيما لا أصل له إن [3] لم يفعله فلا عهدة عليه فإنه لا يكون واجبًا. وما نحن فيه له أصل. فإذا لم يختر المكلف قبول ما تصدق به عليه بقيت الأربع على أصل الوجوب. وهذا كمن له على رجل أربعة دنانير فوهبه دينارين فلم يقبلهما فإن الأربعة دنانير توصف بأنها باقية على أصل الثبوت ومتى أداها من هي عليه فإنما أداها بحكم أصل المعاملة، وثبوتها في الذمة. ولا يقدر بقضائها كمبتدىء تمليك الدينارين اللذين لم يقبلهما. وهذا يوضح: إن اختار المسافر أربع ركعات لا تخرج الأربع عن أصل الوجوب. وأجيب عن هذا بأن الأسباب من سفر وإقامة مفوضة إلى رأي العبد. وأما الفعل المأمور به [4] مفوض أيضًا إلى رأي العبد. والأحكام لا تصح إلا أن تفوض إلى رأي العبد لأنها تكون كنصف شريعة من قبل العبد والتفويض إلى مشيئته تمليك. والعبد لا يملك إقامة الشرع [5]. فإذا كان هذا هكذا فالأسباب المعلق عليها الأحكام من سفر وإقامة ففعل العبد فيها ما اختار. والأداء الذي هو فعل الصلاة المرتب على الأحكام من اكتساب العبد إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل، ولكنه واجب عليه الفعل.
وجعل الصلاة أربعًا أو اثنتين حكم من الأحكام لا يضاف إلى العبد، بخلاف ما تمثلوا به في الدين فإن واهب بعض الدين لا يملك ولاية على الموهوب ولا [1] ما بين النجمين هو -و-. [2] أخرجه مسلم وأحمد والدرامي وأبو داود والترمذي والنسائي. الهداية ج 3 ص 307. [3] ان = ساقطة -و-. [4] هكذا ولعل الصواب فمفوض. [5] إقامة الشرع = ساقطة -و-.