وبين الجدار قدر ثلاثة أذرع [1]. وقد قيل معنى ممر الشاة إذا كان ساجدًا وثلاثة أذرع إذا كان قائمًا. ولو كان قدر ممر الشاة وهو قائم لاحتاج إلى أن يتأخر للسجود وذلك عمل في الصلاة مستغنى عنه.
والجواب عن السؤال الخامس: أن يقال: أما المصلي الذي لا يأمن المرور بين يديه فإنه مأمور بالسترة. واختلف فيه إذا أمن من المرور بين يديه.
فقال مالك لا بأس أن يصلي في السفر لغير سترة. وقد صلّى النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الفضاء. وقال ابن القاسم في الحضر إذا أمن أن يمر بين يديه فلا بأس أن يصلي إلى غير سترة. وحكى ابن حبيب عن مالك [2] أنه قال: لا يصلي المصلي إلا
إلى السترة في حضر أو سفر. أمن أن يمر بين يديه مارّ أو لم يأمن. وكأنه رأى أن السترة من سنة الصلاة لا لأجل المار خاصة.
والسترة إنما يؤمر بها الإِمام أو الفذ. وأما المأموم فلا سترة عليه. وقد اختلف في وجه سقوط السترة عن المأمومين فقال مالك لا بأس أن يمر الرجل بين يدي الصفوف لأن الإِمام سترة لهم. وقال القاضي أبو محمَّد لأن سترة الإِمام سترة له ولمن خلفه. وهكذا قال البخاري أن سترة الإِمام سترة لمن خلفه [3].
ومن صلّى في مكان مشرف فقد قال مالك إن كان تغيب عنه رؤوس الناس وإلا جعل سترة. والسترة أحب إلى إلا أن لا يجد.
وإذا سقطت السترة فقد قال مالك إذا استتر الإِمام برمح فسقط فليقمه إذا كان ذلك خفيفأوإن شغله فليدعْه.
وأما التأثيم في المرور بين يدي المصلي فقال ابن حبيب بلغني عن بعض التابعين أنه من مر بين يدي من صلّى إلى غير سترة فإثم ذلك على المارّ. قال بعضهم إنما نُهي أن يمرّ بين يدي من صلى إلى سترة. واعلم أن التأثيم قد يتعلق [1] رواه البخاري: فتح الباري ج 2 ص 126 ورواه النسائي شرح السيوطي ج 2 ص 63. [2] وذكر ابن حبيب عن عبد الملك - قث. [3] رواه البخاري: فتح الباري ج 2 ص 117.