كالنوم. لما كان الغالب منه حصول الحدث جعل الحدث فيه كانه قد حصل فنقض الوضوء. وأقل مراتب هذا الغالب أن يفيد الشك. والشك ينقل عن أصل الطهارة في أحد القولين. ويجري مجرى اليقين.
وقد روي عن مالك جواز الوضوء بفضل سؤر شرب النصراني والنهي عن التوضئ بفضل وضوئه. وهذه الرواية إن تركتها على ظاهرها أفادتك قولًا ثالثًا وهو نفي الكراهة والتحريم فيما ذكرناه. ووجهها أن النصراني إذا شرب من ماء فإن أول ما يلقى فمه من الماء يذهب بنجاسته ويبقى ما بعده ويرد على فمه وهو طاهر. فلم يكن لكراهته معنى. ولهذا فرق بين سؤر شربه وسؤر وضوئه لفقد هذه العلة في سؤر وضوئه. وعلى هذا إذا كان الحيوان الذي لا يتوقى النجاسة تكون حاله في ذهاب النجاسة من فمه حال النصراني في شربه، فإنه لا يكره سؤره ولا يحرم. وقد روي أن النبي عليه السلام: توضأ من مزادة مشرك [1] وتوضأ عمر رضي الله عنه من جرة نصراني [2]. وظاهر هذا الجواز، ونفي الكراهة. وإن قلنا بالمشهور من المذهب فإنا نعارض هذا الحديث بما روى أبو ثعلبة قال قلت يا رسول الله إنا بأرض أهل الكتاب ونأكل في آنيتهم فقال: لا تأكل في آنيتهم إلا أن لا تجد عنها بدًا واغسلوها بالماء ثم كلوا منها [3]. فعم أواني الشرب وغيره. ونهى عن استعمال الجميع. ويجب أن يجري سؤر المسلم [1] يقول في إرواء الغليل لم أجده، وقد جاء في المنتقى قد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الوضوء من مزادة مشركة. ومر عليه الشوكاني ولم يخرجه. والحديث المروي هو حديث المزادتين ولم يذكر فيه أنه توضأ من مزادتيها ج 1 ص 72. وحديث المزادتين أخرجه البخاري ومسلم. كما أشار إلى ذلك الشوكاني بقوله: ما ثبت في الصحيحين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ من مزادة مشركة ج 1 ص 26. [2] عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر رضي الله عنه توضأ من ماء نصرانية من جرة نصرانية. البيهقي ج 1 ص 32. [3] أخرج أحمد وأبو داود عن أبي ثعلبة الخشني. قلت يا رسول الله أن أرضنا أرض أهل كتاب وأنهم يأكلون لحم الخنزير ويشربون الخمر. فكيف نصنع بآنيتهم وقدورهم؟ قال: إن لم تجدوا غيرها فارحضوها. واطبخوا فيها واشربوا. بلوغ الأماني ج 1 ص 238.