دون أن يغلب بجوهره. فكيف بما لم [5] يغلب لا بجوهره ولا بأعراضه. على أن هذا القول الذي صار إليه هو ضعيف عندي على أصولنا: لأن المغير النجس يؤثر في الماء ويسلبه حكمه وإن لم تغلب أجزاؤه على أجزاء الماء فكذلك يجب أن يكون المغير الطاهر لا سيما إذا قيل أن تسمية الماء المطلقة تسلب عنه. فلا يعبر عنه إلا بالإضافة. فيقال ماء الزعفران، وماء الباقلاء. فإذا كان لا يعبر عنه إلا بالإضافة وجب تركه للتيمم لأنه تعالى شرط في التيمم فقد الماء المطلق. ومن لم يجد إلا هذا الماء المضاف فقدْ فقدَ الماء المطلق فوجب أن يتيمم.
والجواب عن السؤال السادس: أن يقال: الشك في الماء على قسمين: أما أن يشك في المغير هل هو من جنس ما يؤثر أم لا؟ وإما أن يشك في محل النجاسة لا في حصولها. فأما القسم الأول فإنه لا تأثير له ولا ينقل الماء عن أصله استصحابًا لحال الأصل. حتى يتحقق وجود ما من شأنه أن يؤثر فيه. وقد وقع في المذهب النهي عن استعماله إذا كانت هناك حالة قريب، كالآبار القريبة من المراحيض، فإن مالكًا رضي الله عنه قال: بنزف اليومين والثلاثة. فإن طابت وإلا لم يتوضأ منها. ووجه ذلك أن قرب المراحيض منها يسبق معه إلى النفس كون التغير مضافًا إليها. وهو الظاهر من الحال، لفقد ما سوى ذلك من الأسباب المغيرة. فأمر باجتنابه لأجل هذا الظاهر من الحال.
وأما القسم الثاني فإنه إذا شك في محل النجاسة كمن معه مَاآنِ - تيقن بنجاسة أحدهما لا بعينه وطهارة الآخر، فإن فيه اختلافًا. فذهب بعض أصحابنا إلى أنه يتحرى الطاهر منهما فيتطهر به ويجزيه ذلك. ووجهه أنه لما جاز الاقتصار على الطاهر في الظاهر من الحال، كما قدمناه في استصحاب حكم الأصل، جاز الاقتصار على التحري. لأن الظاهر من التحري إصابة الصواب.
وقياسًا على التحري للقبلة عند الاشتباه. وذهب بعض من قال بالتحري إلى إجازته فيما كثر من الأواني لمشقة استعمال الكل. ومنعه فيما قل منها لخفة أن يتوضأ من كل إناء، ويصلي بطهارته به. وذهب بعض أصحابنا إلى أنه يتوضأ بأحدهما ويصلي. ثم بالآخر ويصلي. لأنه إن اقتصر على أحدهما جُوز أن [5] لم = ساقطة -ح-.