باب المياه وأحكامها
قال القاضي رحمه الله: الأصل في المياه كلها، الطهارة والتطهير على اختلاف صفاتها ومواضعها. من سماء أو أرض أو بحر أو نهر أو عين أو بئر ملح أو عذب جار [1] أو راكد. كان باقيًا على أصل مياعته، أو ذائبًا بعد جموده، إلا ما تغيرت أوصافه، التي هي اللون، والطعم، والريح، أو أحدها من مخالطة ما ينفك عنه غالبًا. وبما ليس بقرار له. ولا متولد عنه. فما تغير بذلك، فإنه خارج عن أصله. ثم المخالطة على ضربين: طاهر ونجس. فالطاهر يسلبه التطهير فقط، فيصير طاهرًا غير مطهر كسائر المائعات. والنجس يسلبه في الصفتين جميعًا، الطهارة والتطهير. ويصير به نجسًا من غير حد في ذلك مضروب، ولا مقدار موقوف، سوى أنه يكره استعمال القليل منه الذي لا مادة له، ولا أصل، إذا خالطته نجاسة ولم تغيره، كماء الجب والجرة وسائر الأواني، وآبار الدور الصغار. ولا يكره في الكثير كالحياض والغدر الكبار. ويجمع أوصافه أن يقال الماء على ضربين: مطلق ومضاف. فالتطهير هو بالمطلق دون المضاف. فالمطلق ما لم يتغير أحد أوصافه بما ينفك [2] عنه غالبًا بما ليس بقرار له، ولا متولد عنه فيدخل في ذلك الماء القراح. وما تغير بالطين لأنه قراره، وكذلك ما يجري على الكبريت، وما تغير بطول المكث، لأنه متولد عن مكثه. وما تغير بالطحلب؛ لأنه من باب مكثه، وما انقلب [3] عن العذوبة إلى الملح؛ لأنه من أرضه، وطول إقامته. ويدخل فيه الماء المستعمل [1] ساقطة -الغاني. [2] ينقل -ق-. [3] انتقل -ق-.