وقال أشهب إذا عصر بطنه فليأمر من يصب عليه الماء ولا يقطع ما دام ذلك. ويغسل ما أقبل منه وما أدبر، والخرقة على يده ثم يغسل تلك الخرقة ويغسل يده ويأخذ خرقة أخرى على يده للغسل فيدخلها في فمه لتنظيف أسنانه ويُنَقي أنفه. وقال الشافعي تستحب المضمضة والاستنشاق في حق الميت، وهو أن يمسح ظاهر أسنانه وباطن شفتيه بخرقة، ويدخل أصابعه في فمه وأنفه فيزيل ما هنالك. وقال أشهب لا بأس أن ينقي أنفه ويغسل فاه ويمضمض وتركه غير ضيق. وقال ابن جبير والثوري والنخعي وأبو حنيفة: لا تستحب المضمضة والاستنشاق في حق الميت. لأن المضمضة إدارة الماء ثم مجّه. والاستنشاق جذب الماء ثم نثره وذلك لا يصح من الميت. وأجيبوا عن هذا بأن ما ذكروه هيئة للمضمضة والاستنشاق وتعذّر الهيئة لا يوجب سقوط الفعل. وما ذكرناه من قوله - صلى الله عليه وسلم - مواضع الوضوء منها يؤكد ما قلناه.
ومن صفات الغسل ما ذكره القاضي أبو محمَّد من عصر بطنه. وقد ذكرنا قول أشهب أنه يصب الماء حينئذ ولا يقطعه. وقالت الشافعية يمر يده على بطنه إمرارًا بليغًا في كل غسلة إلا الغسلة الأخيرة. وقال بعض الناس يمر يده على بطنه إمرارًا خفيفًا. وقال الثوري يمسح مسحًا رفيقًا بعد الغسلة الأولى. وقال أحمد يفعل ذلك بعد الغسلة الثانية. وروي عن الضحاك بن مزاحم أنه وصّى أن لا يُعْصر بطنُه [1]. والذي ذهب إليه أولى. لأنه إذا فعل ذلك خرج ما في بطنه من النجاسة فيؤمن خروج شيء بعد الفراغ من غسله فإن جمهور الفقهاء على أن
غسله لا يعاد وإنما يغسل ذلك الموضع. لأن الغسل قد صح فلا يبطل بما يحدث كغسل الحي من الجنابة. ومن الشافعية من قال يغسل ذلك الموضع ويوضا كالجنب إذا أحدث بعد الغسل. وهكذا قال أشهب أن الوضوء يعاد، ومنهم من قال يعيد الغسل وهو قول ابن حنبل. واحتجوا بأن المقصود في حق الميت أن يختم أمره بأكمل طهارة.
وإذا غسل الفرج وهو ممن لا يحق له مسه، لفّ على يده خرقة كثيفة إلا أن يكون بالموضع أذى لا يزيله إلا مباشرة اليد. فاختلف في جواز المباشرة. [1] هكذا ولعل الصواب أن يعصر بالإثبات بدليل التعليل الوارد بعده.