لبطل كثير مما نقلوه من الشرائع. وكيف يظن عاقل هذا أبدًا ويقول ثم قام قيامًا طويلًا وهو دون القيام الأول. فإذا كان القيام الأول بقدر سورة البقرة والثاني دونه، فكيف يكون قيام قُدّر بدون سورة البقرة أنه قيام اختياري. هذا لا خفاء في فساده.
وأما ما ذكره القاضي أبو محمَّد من أن القراءة فيها سر [1] فهو المشهور من مذهبنا وبه قال الشافعي. ورَوَى الترمذي عن مالك أنه يجهر فيها بالقراءة. وذكر ابن شعبان في مختصره أن الواقدي ذكر أن مالكًا وابن أبي ذئب قال يجهر بالقراءة في صلاة الكسوف [2]. فذكر ابن شعبان أيضًا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه جهر بالقراءة فيها وأن عبد العزيز بن الماجشون قال سمعت أبان بن عثمان يجهر فيها فقرأ: سأل سائل [3]. وبالجهر قال أحمد وإسحاق وأبو يوسف ومحمد. وفعله عبد [4] بن يزيد. وبحضرته البَرَاء بن عازب وزيد بن أرقم وهو اختيار ابن المنذر. فوجه القول بالإسرار قول ابن عباس خسفت الشمس فصلّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكنت إلى جنبه فما سمعت له حرفًا [5].
وأيضًا فقد رُوي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: حزرت قراءة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
فرأيت قراءته في الركعة الأولى بسورة البقرة، وفي الثانية بسورة آل عمران.
وأيضًا فإنها صلاة نهار [6]، وصلاة النهار عجماء كما ورد الشرع به. ووجه القول القول بالإجهار وهو اختيار بعض أشياخي ما خرجه البخاري ومسلم [7] من أنه - صلى الله عليه وسلم - [1] تسر - قل. [2] الخسوف -و-. [3] سورة المعارج، الآية: 1. [4] عبد الله - قل. [5] قال صليت خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاة الخسوف فلم أسمع فيها منه حرفًا. رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني في الأوسط. وفي سنده ابن لهيعة. مجمع الزوائد ج 2 ص 207. وفي حديث بسرة بن جندب. قال فقام بنا كأطول ما قام بنا في صلاة قط لا نسمع له صوتًا.
مجمع الزوائد ج 2 ص 206 هو من رواية محمَّد بن إسحاق بإسناده إلى عائشة. نصب الراية ج 1 ص 233. [6] والأصل أن صلاة النهار - قل. [7] قل.