الرابع. وأما الشافعي فإن له في المنتهى أيضًا قولين: أحدهما الصبح من آخر أيام التشريق كالمشهور عندنا. واختلف قوله على هذه الطريقة في المبدإ. فقال مرة كقولنا إنه من الظهر من يوم النحر [1]. وقال مرة المغرب من ليلة النحر. وله قول آخر خالفنا فيه في المبدإ والمنتهى. وهو أنه [2] من الصبح يوم عرفة إلى العصر من آخر أيام التشريق. وروي ذلك عن عمر وعلي رضي الله عنهما وهو قول الثوري وأحمد وإسحاق وأبي ثور وأبي يوسف ومحمد. فصار للشافعي في المبتدأ [3] ثلاثة أقوال وفي المنتهى قولان. وقال النخعي وعلقمة وأبو حنيفة يكبّر من صبح يوم عرفة إلى العصر من يوم النحر. وروي ذلك عن ابن مسعود.
وروي عن ابن مسعود رواية أخرى إلى الظهر من يوم النحر. وقال الأوزاعي والمزني ويحيى بن سعيد الأنصاري يكبّر من الظهر يوم النحر إلى الظهر من اليوم الثالث من أيام التشريق. وقال داوود يكبّر من الظهر يوم النحر إلى العصر من آخر أيام التشريق. وهو قول الزهري وابن جبير، وروي ذلك عن ابن عباس [4].
وقال الحسن يكبّر من الظهر يوم النحر إلى الظهر من النفر الأول. وقال ابن عيينة أهل مني يكبّرون من الظهر يوم النحر. وأهل الأمصار يكبّرون غداة عرفة.
وإحدى الروايتين عن أبي وائل أنه يكبّر من الظهر يوم عرفة إلى الظهر من يوم النجر. فصار جملة هذه الأقوال عشرة. وقول الحسن قد يوافق بعضها. فلهذا لم نَعُده.
فأما مذهبنا فإنه احتج له بأن الناس تبعٌ للحاج. والحاج يكبّرون مع الرمي. فأول صلاة بعد الرمي هي الظهر. وآخر صلاة يصلونها بمنى الصبح من آخر أيام التشريق. وقال ابن الجهم ليس فيه حديث يعتمد عليه، ولكن قال سبحانه: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ} [5]. وقضاء النسك المُخرج من الحج طواف الإفاضة يوم النحر. فأول صلاة بعد ذلك صلاة الظهر. وأجمعوا أن التكبير في صلاة الظهر من يوم النحر واجب. فلا نزول عن ذلك حتى يأتي [1] فقال مرة مثل قولنا أنه الظهر من يوم النحر - قل. [2] أنه يكبر من الصبح - قل. [3] المبدأ - قل. [4] ابن مسعود - قل. [5] سورة البقرة، الآية: 200.