responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي = الداء والدواء نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 238
الْبَابَ بِظَهْرِهِ، وَعَظُمَتْ فِي صَدْرِهِ لَمَّا ذَكَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنَادَاهَا مِنْ وَرَاءِ الْبَابِ: يَا زَيْنَبُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْطُبُكِ، فَقَالَتْ: مَا أَنَا بِصَانِعَةٍ شَيْئًا حَتَّى أُؤَامِرَ رَبِّي، وَقَامَتْ إِلَى مِحْرَابِهَا فَصَلَّتْ، فَتَوَلَّى اللَّهُ عِزَّ وَجَلَّ نِكَاحَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِنَفْسِهِ، وَعَقَدَ النِّكَاحَ لَهُ فَوْقَ عَرْشِهِ، وَجَاءَ الْوَحْيُ بِذَلِكَ: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} [سُورَةُ الْأَحْزَابِ: 37] .
فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِوَقْتِهِ فَدَخَلَ عَلَيْهَا، فَكَانَتْ تَفْخَرُ عَلَى نِسَاءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ، وَتَقُولُ: أَنْتُنَّ زَوَّجَكُنَّ أَهَالِيكُنَّ، وَزَوَّجَنِي اللَّهُ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ، فَهَذِهِ قِصَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ زَيْنَبَ.
وَلَا رَيْبَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ قَدْ حُبِّبَ إِلَيْهِ النِّسَاءُ، كَمَا فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَنَسٍ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «حُبِّبَ إِلَيَّ مِنْ دُنْيَاكُمُ النِّسَاءُ وَالطِّيبُ، وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ» هَذَا لَفْظُ الْحَدِيثِ، لَا مَا يَرْوِيهِ بَعْضُهُمْ: «حُبِّبَ إِلَيَّ مِنْ دُنْيَاكُمْ ثَلَاثٌ،» زَادَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي كِتَابِ الزُّهْدِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: «أَصْبِرُ عَنِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَلَا أَصْبِرُ عَنْهُنَّ» ، وَقَدْ حَسَدَهُ أَعْدَاءُ اللَّهِ الْيَهُودُ عَلَى ذَلِكَ فَقَالُوا: مَا هَمَّهُ إِلَّا النِّكَاحُ، فَرَدَّ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَنْ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَافَحَ عَنْهُ، فَقَالَ: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا} [سُورَةُ النِّسَاءِ: 54] .
وَهَذَا خَلِيلُ اللَّهِ إِبْرَاهِيمُ كَانَ عِنْدَهُ سَارَّةُ أَجْمَلُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ، وَأَحَبَّ هَاجَرَ وَتَسَرَّى بِهَا.
وَهَذَا دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ عِنْدَهُ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ امْرَأَةً، فَأَحَبَّ تِلْكَ الْمَرْأَةَ وَتَزَوَّجَهَا فَكَمَّلَ الْمِائَةَ، وَهَذَا سُلَيْمَانُ ابْنُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَطُوفُ فِي اللَّيْلَةِ عَلَى تِسْعِينَ امْرَأَةً.
«وَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيْهِ، فَقَالَ: عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وَقَالَ عَنْ خَدِيجَةَ: إِنِّي رُزِقْتُ حُبَّهَا» .
فَمَحَبَّةُ النِّسَاءِ مِنْ كَمَالِ الْإِنْسَانِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: خَيْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَكْثَرُهَا نِسَاءً، وَقَدْ ذَكَرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَقَعَ فِي سَهْمِهِ يَوْمَ جَلُولَاءَ جَارِيَةٌ كَأَنَّ عُنُقَهَا إِبْرِيقٌ مِنْ فِضَّةٍ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَمَا صَبَرْتُ عَنْهَا أَنْ قَبَّلْتُهَا وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ، وَبِهَذَا احْتَجَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَلَى جَوَازِ الِاسْتِمْتَاعِ مِنَ الْمَسْبِيَّةِ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ بِغَيْرِ الْوَطْءِ، بِخِلَافِ الْأَمَةِ الْمُشْتَرَاةِ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ انْفِسَاخَ الْمِلْكِ لَا يُتَوَهَّمُ فِي الْمَسْبِيَّةِ بِخِلَافِ الْمُشْتَرَاةِ، فَقَدْ يَنْفَسِخُ فِيهَا الْمِلْكُ، فَيَكُونُ مُسْتَمْتِعًا بِأَمَةِ غَيْرِهِ.

نام کتاب : الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي = الداء والدواء نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 238
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست