responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي = الداء والدواء نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 222
الِاسْتِمْتَاعُ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: النَّظَرُ الْمُبَاحُ، وَالْآخَرُ: اللَّذَّةُ الْمَحْظُورَةُ، فَأَمَّا النَّظَرُ الْمُبَاحُ فَهُوَ الَّذِي أَوْرَثَنِي مَا تَرَى، وَأَمَّا اللَّذَّةُ الْمَحْظُورَةُ فَيَمْنَعُنِي مِنْهَا مَا حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ أَبِي يَحْيَى الْقَتَّابِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - يَرْفَعُهُ: «مَنْ عَشِقَ وَكَتَمَ وَعَفَّ وَصَبَرَ، غَفَرَ اللَّهُ لَهُ وَأَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ ".»
ثُمَّ أَنْشَدَ:
انْظُرْ إِلَى السِّحْرِ يَجْرِي مِنْ لَوَاحِظِهِ ... وَانْظُرْ إِلَى دَعَجٍ فِي طَرْفِهِ السَّاجِي
وَانْظُرْ إِلَى شَعَرَاتٍ فَوْقَ عَارِضِهِ ... كَأَنَّهُنَّ نِمَالٌ دَبَّ فِي عَاجِ
ثُمَّ أَنْشَدَ:
مَا لَهُمْ أَنْكَرُوا سَوَادًا بِخَدَّيْهِ ... وَلَا يُنْكِرُونَ وَرْدَ الْغُصُونِ؟
إِنْ يَكُنْ عَيْبُ خَدِّهِ بَرْدُ الشَّعْرِ ... فَعَيْبُ الْعُيُونِ شَعْرُ الْجُفُونِ
فَقُلْتُ لَهُ: نَفَيْتَ الْقِيَاسَ فِي الْفِقْهِ، وَأَثْبَتَّهُ فِي الشَّرِّ؟ فَقَالَ: غَلَبَةُ الْوَجْدِ وَمَلَكَةُ النَّفْسِ دَعَتْ إِلَيْهِ، ثُمَّ مَاتَ مِنْ لَيْلَتِهِ، وَبِسَبَبِ مَعْشُوقِهِ صَنَّفَ كِتَابَ الزَّهْرَةِ.
وَمِنْ كَلَامِهِ فِيهِ: " مَنْ يَئِسَ مِمَّنْ يَهْوَاهُ، وَلَمْ يَمُتْ مِنْ وَقْتِهِ سَلَاهُ، وَذَلِكَ أَوَّلُ رَوْعَاتِ الْيَأْسِ تَأْتِي الْقَلْبَ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَعِدٍّ لَهَا، فَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَتَأْتِي الْقَلْبَ وَقَدْ وَطَّأَتْهُ لَهَا الرَّوْعَةُ الْأُولَى ".
وَالْتَقَى هُوَ وَأَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ سُرَيْجٍ فِي مَجْلِسِ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى الْوَزِيرِ، فَتَنَاظَرَا فِي مَسْأَلَةٍ مِنَ الْإِيلَاءِ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ: أَنْتَ بِأَنْ تَقُولَ: مَنْ دَامَتْ لَحَظَاتُهُ؛ كَثُرَتْ حَسَرَاتُهُ، أَحَذَقُ مِنْكَ بِالْكَلَامِ عَلَى الْفِقْهِ، فَقَالَ: لَئِنْ كَانَ ذَلِكَ فَإِنِّي أَقُولُ:
أُنَزِّهُ فِي رَوْضِ الْمَحَاسِنِ مُقْلَتَيَّ ... وَأَمْنَعُ نَفْسِي أَنْ تَنَالَ مُحَرَّمَا
وَأَحْمِلُ مِنْ ثِقَلِ الْهَوَى مَا لَوْ أَنَّهُ ... يُصَبُّ عَلَى الصَّخْرِ الْأَصَمِّ تَهَدَّمَا
وَيَنْطِقُ طَرْفِي عَنْ مُتَرْجَمِ خَاطِرِي ... فَلَوْلَا اخْتِلَاسِي وُدَّهُ لَتَكَلَّمَا
رَأَيْتُ الْهَوَى دَعْوَى مِنَ النَّاسِ كُلِّهِمُ ... فَلَسْتُ أَرَى وُدًّا صَحِيحًا مُسَلَّمًا
فَقَالَ لَهُ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ سُرَيْجٍ: بِمَ تَفْخَرُ عَلَيَّ؟ وَلَوْ شِئْتُ لَقُلْتُ:
وَمَطَاعِمُهُ كَالشَّهْدِ فِي نَغَمَاتِهِ ... قَدْ بِتَّ أَمْنَعُهُ لَذِيذَ سِنَاتِهِ
بِصَبَابَةٍ وَبِحُسْنِهِ وَحَدِيثِهِ ... وَأُنَزِّهُ اللَّحَظَاتِ عَنْ وَجَنَاتِهِ
حَتَّى إِذَا مَا الصُّبْحُ رَاحَ عَمُودُهُ ... وَلَّى بِخَاتَمِ رَبِّهِ وَبَرَاتِهِ
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَحْفَظُ عَلَيْهِ الْوَزِيرُ مَا أَقَرَّ بِهِ حَتَّى يُقِيمَ شَاهِدًا عَلَى أَنَّهُ وَلَّى بِخَاتَمِ رَبِّهِ وَبَرَاءَتِهِ، فَقَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ: يَلْزَمُنِي فِي هَذَا مَا يَلْزَمُكَ فِي قَوْلِكَ:

نام کتاب : الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي = الداء والدواء نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 222
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست