responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي = الداء والدواء نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 149
الثَّانِي: أَنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي اسْتِحْقَاقِ إِزْهَاقِ النَّفْسِ.
الثَّالِثُ: أَنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي الْجَرَاءَةِ عَلَى سَفْكِ الدَّمِ الْحَرَامِ، فَإِنَّ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ، بَلْ لِمُجَرَّدِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ، أَوْ لِأَخْذِ مَالِهِ: فَإِنَّهُ يَجْتَرِئُ عَلَى قَتْلِ كُلِّ مَنْ ظَفَرَ بِهِ وَأَمْكَنَهُ قَتْلُهُ، فَهُوَ مُعَادٍ لِلنَّوْعِ الْإِنْسَانِيِّ.
وَمِنْهَا: أَنَّهُ يُسَمَّى قَاتِلًا أَوْ فَاسِقًا أَوْ ظَالِمًا أَوْ عَاصِيًا بِقَتْلِهِ وَاحِدًا، كَمَا يُسَمَّى كَذَلِكَ بِقَتْلِهِ النَّاسَ جَمِيعًا.
وَمِنْهَا: أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ جَعَلَ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَوَاصُلِهِمْ كَالْجَسَدِ الْوَاحِدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالْحُمَّى وَالسَّهَرِ، فَإِذَا أَتْلَفَ الْقَاتِلُ مِنْ هَذَا الْجَسَدِ عُضْوًا، فَكَأَنَّمَا أَتْلَفَ سَائِرَ الْجَسَدِ، وَآلَمَ جَمِيعَ أَعْضَائِهِ، فَمَنْ آذَى مُؤْمِنًا وَاحِدًا فَكَأَنَّمَا آذَى جَمِيعَ الْمُؤْمِنِينَ، وَفِي أَذَى جَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ أَذَى جَمِيعِ النَّاسِ، فَإِنَّ اللَّهَ إِنَّمَا يُدَافِعُ عَنِ النَّاسِ بِالْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ بَيْنَهُمْ، فَإِيذَاءُ الْخَفِيرِ إِيذَاءُ الْمَخْفُورِ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْمًا بِغَيْرِ حَقٍّ، إِلَّا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الْأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ» .
وَلَمْ يَجِئْ هَذَا الْوَعِيدُ فِي أَوَّلِ زَانٍ وَلَا أَوَّلِ سَارِقٍ وَلَا أَوَّلِ شَارِبِ مُسْكِرٍ، وَإِنْ كَانَ أَوَّلُ الْمُشْرِكِينَ قَدْ يَكُونُ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْ أَوَّلِ قَاتِلٍ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ الشِّرْكَ؛ وَلِهَذَا رَأَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَمْرَو بْنَ لَحْيٍ الْخُزَاعِيَّ يُعَذَّبُ أَعْظَمَ الْعَذَابِ فِي النَّارِ، لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ غَيَّرَ دِينَ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 41] .
أَيْ فَيَقْتَدِي بِكُمْ مَنْ بَعْدَكُمْ، فَيَكُونُ إِثْمُ كَفْرِهِ عَلَيْكُمْ، وَكَذَلِكَ حُكْمُ مَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً فَاتُّبِعَ عَلَيْهَا.
وَفِي جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «يَجِيءُ الْمَقْتُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، نَاصِيَتُهُ وَرَأْسُهُ بِيَدِهِ، وَأَوْدَاجُهُ تَشْخَبُ دَمًا، يَقُولُ: يَا رَبِّ سَلْ هَذَا فِيمَ قَتَلَنِي؟» فَذَكَرُوا لِابْنِ عَبَّاسٍ التَّوْبَةَ، فَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} [سُورَةُ النِّسَاءِ: 93] .
ثُمَّ قَالَ: مَا نُسِخَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَلَا بُدِّلَتْ، وَأَنَّى لَهُ التَّوْبَةُ؟ قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ.

نام کتاب : الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي = الداء والدواء نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 149
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست