نام کتاب : الحسبة في الإسلام، أو وظيفة الحكومة الإسلامية نویسنده : ابن تيمية جلد : 1 صفحه : 31
أقام طائفة من هؤلاء فيها لفلاحتها تعطلت مصالح الدين التي لا يقوم بها غيرهم، فلما كان في زمن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وفتحت البلاد وكثر المسلمون استغنوا عن اليهود فأجلوهم وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- قد قال: "نقركم فيها ما شئنا"، وفي رواية "ما أقركم الله" [1].
وأمر بإجلائهم منه عند موته -صلى الله عليه وسلم- فقال: "أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب" [2] ولهذا ذهب طائفة من العلماء كمحمد بن جرير الطبري- إلى أن الكفار لا يقرون في بلاد المسلمين بالجزية إلا إذا كان المسلمون محتاجين إليهم، فإذا استغنوا عنهم أجلوهم كأهل خيبر، وفي هذه المسألة نزاع ليس هذا موضعه.
والمقصود هنا أن الناس إذا احتاجوا إلى الطحانين والخبازين فهذا على وجهين: أحدهما: أن يحتاجون إلى صناعتهم، كالذين يطحنون ويخبزون لأهل البيوت، فهؤلاء يستحقون الأجرة، وليس لهم عند الحاجة إليهم أن يطالبوا إلا بأجرة المثل كغيرهم من الصناع. الثاني: أن يحتاجوا إلى الصنعة والبيع، فيحتاجوا إلى من يشتري الحنطة ويطحنها، وإلى من يخبزها ويبيعها خبزًا، لحاجة الناس إلى شراء الخبز من الأسواق، فهؤلاء لو مكنوا أن يشتروا حنطة الناس المجلوبة ويبيعوا الدقيق والخبز بما شاءوا مع حاجة الناس إلى تلك الحنطة لكان ذلك ضررًا عظيمًا، فإن هؤلاء تجار تجب عليهم زكاة التجارة عند الأئمة الأربعة وجمهور علماء المسلمين[3]. [1] رواه بلفظ "ما شئنا" البخاري في صحيحه "5/ 21" ومسلم في صحيحه "10/ 469". ورواه البخاري بلفظ "ما أقركم الله" "6/ 270". [2] هذا الحديث ورد بروايات عديدة، فعند مسلم في صحيحه "11/ 24" عن ابن عباس: "أخرجوا المشركين من جزيرة العرب"، وعند البخاري في صحيحه كذلك "6/ 270"، وورد عند البخاري "6/ 170" عن "أبي هريرة" وفيه: "وإني أريد أن أجليكم من هذه الأرض" يعني اليهود، وعن "ابن عمر" عند البخاري في صحيحه "5/ 21" وفيه "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما ظهر على أهل خيبر أراد إخراج اليهود ... إلخ الرواية" وعند "الدارمي" في سننه "2/ 152" عن "أبي عبيدة بن الجراح" نحوه، وفيه: "أخرجوا يهود الحجاز وأهل نجران من جزيرة العرب". [3] انظر المغني لابن قدامة "2/ 622" والمجموع للنووي "6/ 38".
نام کتاب : الحسبة في الإسلام، أو وظيفة الحكومة الإسلامية نویسنده : ابن تيمية جلد : 1 صفحه : 31