responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 170
يَبْحَث عَمَّا لَمْ يَظْهَر مِنْ الْمُحَرَّمَات. فَإِنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ اِسْتِسْرَار قَوْم بِهَا لِأَمَارَة وَآثَار ظَهَرَتْ، فَذَلِكَ ضَرْبَانِ.
أَحَدهمَا: أَنْ يَكُون ذَلِكَ فِي اِنْتَهَاك حُرْمَة يَفُوت اِسْتِدْرَاكهَا، مِثْل أَنْ يُخْبِرَهُ مَنْ يَثِقَ بِصِدْقِهِ أَنَّ رَجُلًا خَلَا بِرَجُلٍ لِيَقْتُلهُ أَوْ بِامْرَأَةِ لِيَزْنِيَ بِهَا فَيَجُوز لَهُ فِي مِثْل هَذَا الْحَال أَنْ يَتَجَسَّسَ، وَيُقْدِم عَلَى الْكَشْف وَالْبَحْث حَذَرًا مِنْ فَوَات مَا لَا يُسْتَدْرَك. وَكَذَا لَوْ عَرَفَ ذَلِكَ غَيْرُ الْمُحْتَسِبِ مِنْ الْمُتَطَوِّعَة جَازَ لَهُمْ الْإِقْدَام عَلَى الْكَشْف وَالْإِنْكَار.
الضَّرْب الثَّانِي: مَا قَصُرَ عَنْ هَذِهِ الرُّتْبَة فَلَا يَجُوز التَّجَسُّس عَلَيْهِ، وَلَا كَشْف الْأَسْتَار عَنْهُ. فَإِنْ سَمِعَ أَصْوَات الْمَلَاهِي الْمُنْكَرَة مِنْ دَارٍ أَنْكَرَهَا خَارِج الدَّار لَمْ يَهْجُم عَلَيْهَا بِالدُّخُولِ لِأَنَّ الْمُنْكَر ظَاهِر وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَكْشِف عَنْ الْبَاطِن)) [1].
ثالثاً: أن يلتزم الدرجات الشرعية التي ذكرها العلماء في التغيير:
فقد ذكر الغزالي -في الإحياء-: ((أن درجات التغيير تبدأ بالتعريف؛ أي تعريف الفاعل للمنكر أن هذا منكر، ثم الوعظ اللين ثم السب والتعنيف بالقول ثم التغيير باليد؛ ككسر الملاهي وإراقة الخمر ثم التهديد والتخويف ثم مباشرة الضرب باليد والرجل ثم جمع الأعوان وشهر السلاح)) [2].
وهذه الدرجات يمكن تقسيمها إلى نوعين: أحدهما الإصلاح بالوعظ، والآخر الإصلاح بالقوة على هذا الترتيب [3]، والأصل في ذلك ما ورد في أمر الجهاد من البدء بالدعوة قبل القتال وكذا قوله تعالى: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ اْقْتَتَلُواْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُواْ الْتِي تَبْغِي .... } (الحجرات:9)،فأمر بالإصلاح قبل القتال.
قال القرطبي: ((فالمنكر إذا أمكنت إزالته باللسان للناهي فليفعله، وإن لم يمكنه إلا بالعقوبة أو القتل فليفعل، فإن زال المنكر بدون القتل لم يجز القتل، وهذا تُلُقي من قوله تعالى: {فَقَاتِلُواْ الْتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلىَ أَمْرِ اللهِ})) [4].
وقال ابن العربي: ((وَإِنَّمَا يَبْدَأُ بِاللِّسَانِ وَالْبَيَانِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَبِالْيَدِ.)) [5].
وقال الشوكاني: ((ولكنه يقدم الموعظة بالقول اللين، فإن لم يؤثر ذلك جاء بالقول الخشن، فإن لم يؤثر ذلك انتقل إلى التغيير باليد، ثم المقاتلة إن لم يمكن التغيير إلا بها)) [6].

[1] - شرح مسلم (2/ 26) و شرح النووي على مسلم - (ج 1 / ص 131) و فتح الباري لابن حجر - (ج 17 / ص 231) وشرح الزرقاني على موطأ مالك - (ج 8 / ص 125) والموسوعة الفقهية1 - 45 كاملة - (ج 2 / ص 6061) وتحفة المحتاج في شرح المنهاج - (ج 39 / ص 393)
[2] - انظر إحياء علوم الدين (2/ 329 - 333).
[3] - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لجلال الدين العمري ص:174.
[4] - الجامع لأحكام القرآن (4/ 49). و الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - (ج 1 / ص 970)
[5] أحكام القرآن لابن العربي (1/ 293). و أحكام القرآن لابن العربي - (ج 2 / ص 115)
[6] - السيل الجرار (4/ 586). و السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار - الرقمية - (ج 1 / ص 982)
نام کتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 170
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست