وبذلك يتجه قول من قال بتصحيحه، ولئن كان لقول من ضعف زيادة القنوت في حديث أبي وجه، فكيف يتجه إنكارها على الإطلاق؟ وقد روى البخاري في صحيحه (1002)، ومسلم (677) - 301 وغيرهما عن عاصم قال: سألت أنس بن مالك عن القنوت، فقال: قد كان القنوت، قلت: قبل الركوع أو بعده؟
قال: قبله، قال: فإن فلانًا أخبرني عنك أنك قلت: بعد الركوع، فقال: كذب، إنما قنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم - بعد الركوع شهراً، أراه كان بعث قومًا، يقال لهم: القراء، زهاء سبعين رجلاً إلى قوم من المشركين دون أولئك، وكان بينهم وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عهد، فقنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شهراً، يدعو عليهم، وقد ذكر الشيخ ذلك، ومع ذلك قال هذا المستدرِك: وبهذا ظهر دقة نظر الحفاظ حين ضعفوا الأحاديث التي فيها أن القنوت قبل الركوع، فهل يوثق في أمثال هؤلاء بعد هذا؟.
قال ابن التركماني: وقد روي القنوت في الوتر قبل الركوع عن الأسود، وسعيد بن جبير، والنخعي وغيرهم، رواه عنهم ابن أبي شيبة في مصنفه بأسانيده، وقال أيضًا: ثنا أبو خالد الأحمر عن أشعث عن الحكم عن إبراهيم قال: كان عبد الله لا يقنت في السنة كلها في الفجر، ويقنت في الوتر كل ليلة قبل الركوع، قال أبو بكر هو ابن أبي شيبة: هذا القول عندنا، وقال أيضًا: ثنا يزيد بن هارون ثنا هشام الدستوائي عن حماد هو ابن أبي سليمان عن إبراهيم عن علقمة أن ابن مسعود وأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - كانوا يقنتون في الوتر قبل الركوع، وهذا سند صحيح على شرط مسلم، وفي الإشراف لابن المنذر: روينا عن عمر، وعلى، وابن مسعود، وأبي موسى الأشعري، وأنس، والبراء بن عازب، وابن عباس، وعمر ابن عبد العزيز، وعَبيدة، وحميد الطويل، وابن أبي ليلى أنهم رأوا القنوت قبل الركوع، وبه قال إسحاق. اهـ.
***