نام کتاب : الجامع الصحيح للسنن والمسانيد نویسنده : صهيب عبد الجبار جلد : 16 صفحه : 9
(حم) , وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُجَيٍّ عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَارَ مَعَ عَلِيٍّ - رضي الله عنه - وَكَانَ صَاحِبَ مِطْهَرَتِهِ , فَلَمَّا حَاذَى نِينَوَى وَهو مُنْطَلِقٌ إِلَى صِفِّينَ , نَادَى عَلِيٌّ - رضي الله عنه - بِشَطِّ الْفُرَاتِ: اصْبِرْ أَبَا عَبْدِ اللهِ , اصْبِرْ أَبَا عَبْدِ اللهِ , ثُمَّ قَالَ: " دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ يَوْمٍ وَعَيْنَاهُ تَفِيضَانِ " , فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ أَغْضَبَكَ أَحَدٌ؟ , مَا شَأنُ عَيْنَيْكَ تَفِيضَانِ؟ , فَقَالَ: " بَلْ قَامَ مِنْ عِنْدِي جِبْرِيلُ قَبْلُ , فَحَدَّثَنِي أَنَّ الْحُسَيْنَ يُقْتَلُ بِشَطِّ الْفُرَاتِ , فَقَالَ: هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ أُشِمَّكَ مِنْ تُرْبَتِهِ؟ , فَقُلْتُ: نَعَمْ , فَمَدَّ يَدَهُ فَقَبَضَ قَبْضَةً مِنْ تُرَابٍ فَأَعْطَانِيهَا , فَلَمْ أَمْلِكْ عَيْنَيَّ أَنْ فَاضَتَا " (1)
(1) (حم) 648، انظر الصَّحِيحَة: 1171
وقال الشيخ الألباني فائدة: ليس في شيء من هذه الأحاديث ما يدل على قداسة كربلاء , وفضل السجود على أرضها , واستحباب اتخاذ قرص منها للسجود عليه عند الصلاة , كما عليه الشيعة اليوم , ولو كان ذلك مستحبا , لكان أحرى به أن يُتَّخَذ من أرض المسجدين الشريفين , المكي والمدني , ولكنه من بدع الشيعة , وغلوهم في تعظيم أهل البيت وآثارهم، ومن عجائبهم أنهم يرون أن العقل من مصادر التشريع عندهم , ولذلك فهم يقولون بالتحسين والتقبيح العقليين , ومع ذلك فإنهم يروون في فضل السجود على أرض كربلاء من الأحاديث ما يشهد العقل السليم ببطلانه بداهة، فقد وقفتُ على رسالة لبعضهم وهو المدعو السيد عبد الرضا (!) المرعشي الشهرستاني بعنوان " السجود على التربة الحسينية ".
ومما جاء فيها (ص 15): " وورد أن السجود عليها أفضل لشرفها وقداستها , وطهارة من دُفِن فيها , فقد ورد الحديث عن أئمة العترة الطاهرة أن السجود عليها ينوِّر إلى الأرض السابعة. وآخر: أنه يخرِق الحُجُب السبعة،
وفي آخر: يقبل الله صلاة من يسجد عليها ما لم يقبله من غيرها،
وفي آخر: أن السجود على طين قبر الحسين ينور الأرضين.
ومثل هذه الأحاديث ظاهرة البطلان عندنا , وأئمة أهل البيت - رضي الله عنهم - براء منها , وليس لها أسانيد عندهم ليمكن نقدها على نهج علم الحديث وأصوله , وإنما هي مراسيل ومعضلات! ولم يكتف مؤلف الرسالة بتسويدها بمثل هذه النقول المزعومة على أئمة البيت , حتى راح يوهم القراء أنها مروية مثلها في كتبنا نحن أهل السنة، فها هو يقول: (ص 19): " وليس أحاديث فضل هذه التربة الحسينية وقداستها منحصرة بأحاديث الأئمة، إذ أن أمثال هذه الأحاديث لها شهرة وافرة في أمهات كتب بقية الفرق الإسلامية عن طريق علمائهم ورواتهم، ومنها ما رواه السيوطي في كتابه " الخصائص الكبرى " في " باب إخبار النبي - صلى الله عليه وسلم - بقتل الحسين، وروى فيه ما يناهز العشرين حديثا عن أكابر ثقاتهم كالحاكم والبيهقي , وأبي نعيم , والطبراني والهيثمي في " المجمع " (9/ 191) , وأمثالهم من مشاهير رواتهم ".
فاعلم أيها المسلم أنه ليس عند السيوطي ولَا الهيثمي ولو حديث واحد يدل على فضل التربة الحسينية وقداستها، وكل ما فيها مما اتفقت عليه مفرداتها , إنما هو إخباره - صلى الله عليه وسلم - بقتله فيها، وقد سُقْت لك آنفا نخبةً منها، فهل ترى فيها ما ادعاه الشيعي في رسالته على السيوطي والهيثمي؟! , اللهم لَا، ولكن الشيعة في سبيل تأييد ضلالاتهم وبدعهم يتعلقون بما هو أوهى من بيت العنكبوت!. ولم يقف أمره عند هذا التدليس على القراء , بل تعداه إلى الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو يقول (ص 13): " وأول من اتخذ لوحة من الأرض للسجود عليها هو نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - في السنة الثالثة من الهجرة , لمَّا وقعت الحرب الهائلة بين المسلمين وقريش في أُحد , وانهدم فيها أعظم ركن للإسلام وهو حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - نساء المسلمين بالنياحة عليه في كل مأتم واتسع الأمر في تكريمه إلى أن صاروا يأخذون من تراب قبره فيتبركون به ويسجدون عليه لله تعالى، ويعملون المسبحات منه كما جاء في كتاب " الأرض والتربة الحسينية " وعليه أصحابه، ومنهم الفقيه ... ".
والكتاب المذكور هو من كتب الشيعة، فتأمل أيها القارىء الكريم كيف كذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فادعى أنه أول من اتخذ قرصا للسجود عليه، ثم لم يسق لدعم دعواه إِلَّا أكذوبة أخرى وهي أمره - صلى الله عليه وسلم - النساء بالنياحة على حمزة في كل مأتم , ومع أنه لَا ارتباط بين هذا - لو صح - وبين اتخاذ القرص كما هو ظاهر، فإنه لَا يصح ذلك على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كيف وهو قد صح عنه أنه أخذ على النساء في مبايعته إياهن إِلَّا ينحن , كما رواه الشيخان وغيرهما عن أم عطية (انظر كتابنا " أحكام الجنائز " ص 28)
ويبدو لي أنه بنى الأكذوبتين السابقتين على أكذوبة ثالثة , وهي قوله في أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -: " واتسع الأمر في تكريمه إلى أن صاروا يأخذون من تراب قبره فيتبركون به ويسجدون عليه لله تعالى ... ".
فهذا كذب على الصحابة - رضي الله عنهم - وحاشاهم من أن يقارفوا مثل هذه الوثنية، وحَسْبُ القارىء دليلا على افتراء هذا الشيعي على النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه أنه لم يستطع أن يعزو ذلك لمصدر معروف من مصادر المسلمين، سوى كتاب " الأرض والتربة الحسينية " وهو من كتب بعض متأخريهم , ولمؤلف مغمور منهم، ولأمر ما لم يجرؤ الشيعي على تسميته والكشف عن هويته حتى لَا يُفتضح أمره بذكره إياه مصدرا لأكاذيبه!.
ولم يكتف حضرته بما سبق من الكذب على السلف الأول , بل تعدَّاه إلى الكذب على من بعدهم، فاسمع إلى تمام كلامه السابق: " ومنهم الفقيه الكبير المتفق عليه مسروق بن الأجدع المتوفى سنة (62) تابعي عظيم من رجال الصحاح الست , كان يأخذ في أسفاره لبنة من تربة المدينة المنورة يسجد عليها كما أخرجه شيخ المشايخ , الحافظ إمام السنة , أبو بكر ابن أبي شيبة في كتابه " المصنف " في المجلد الثاني في " باب من كان يحمل في السفينة شيئا يسجد عليه، فأخرجه بإسنادين , أن مسروقا كان إذا سافر حمل معه في السفينة لبنة من تربة المدينة المنورة يسجد عليها ".
قلت: وفي هذا الكلام عديد من الكذبات:
الأولى: قوله: " كان يأخذ في أسفاره " فإنه بإطلاقه يشمل السفر برَّا وهو خلاف الأثر الذي ذكره!.
الثانية: جزمه بأنه كان يفعل ذلك , يعطي أنه ثابت عنه , وليس كذلك , بل ضعيف منقطع كما يأتي بيانه.
الثالثة: قوله " بإسنادين " كَذِب , وإنما هو إسناد واحد , مداره على محمد بن سيرين، اختلف عليه فيه، فرواه ابن أبي شيبة في " المصنف " (2/ 43 / 2) من طريق يزيد بن إبراهيم عن ابن سيرين قال: " نُبِّئْتُ أن مسروقا كان يحمل معه لبنة في السفينة , يعني يسجد عليها ". ومن طريق ابن عون عن محمد: " أن مسروقا كان إذا سافر حمل معه في السفينة لَبنة يسجد عليها ".
فأنت ترى أن الإسناد الأول من طريق ابن سيرين، والآخر من طريق محمد وهو ابن سيرين، فهو في الحقيقة إسناد واحد , ولكن يزيد بن إبراهيم قال عنه: نُبِّئْتُ" فأثبت أن ابن سيرين أخذ ذلك بالواسطة عن مسروق ولم يُثْبت ذلك ابن عون وكل منهما ثقة فيما روى , إِلَّا أن يزيد ابن إبراهيم قد جاء بزيادة في السند، فيجب أن تُقبل كما هو مقرر في " المصطلح " , لأن من حفظ حجة على من لم يحفظ، وبناء عليه , فالإسناد بذلك إلى مسروق ضعيف , لَا تقوم به حجة , لأن مداره على راو لم يُسَمَّ , مجهول، فلا يجوز الجزم بنسبة ذلك إلى مسروق - رضي الله عنه - ورحمه كما صنع الشيعي.
الرابعة: لقد أدخل الشيعي في هذا الأثر زيادة ليس لها أصل في " المصنف " وهي قوله: " من تربة المدينة المنورة " , فليس لها ذكر في كل من الروايتين عنده كما رأيت , فهل تدري لم افتعل الشيعي هذه الزيادة في هذا الأثر؟ ,
لقد تبين له أنه ليس فيه دليل مطلقا على اتخاذ القرص من الأرض المباركة (المدينة المنورة) للسجود عليه إذا ما تركه على ما رواه ابن أبي شيبة , ولذلك ألحق به هذه الزيادة
ليوهم القرَّاء أن مسروقا اتخذ القرص من المدينة للسجود عليه تبركا، فإذا ثبت له ذلك , ألحق به جواز اتخاذ القرص من أرض كربلاء , بجامع اشتراك الأرضين في القداسة!! , وإذا علمت أن المقيس عليه باطل لَا أصل له , وإنما هو من اختلاق الشيعي , عرفت أن المقيس باطل أيضا , لأنه كما قيل: وهل يستقيم الظل والعود أعوج؟!
فتأمل أيها القارىء الكريم مبلغ جرأة الشيعة على الكذب حتى على النبي - صلى الله عليه وسلم - في سبيل تأييد ما هم عليه من الضلال، يتبين لك صدق من وصفهم من الأئمة بقوله: " أكذب الطوائف الرافضة "!
ومن أكاذيبه قوله (ص 9): " ورد في صحيح البخاري صحيفة (331 ج 1) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يكره الصلاة على شيء دون الأرض "!
وهذا كذب من وجهين:
الأول: أنه ليس في " صحيح البخاري " هذا النص , لَا عنه - صلى الله عليه وسلم - ولا عن غيره من السلف.
الآخر: أنه إنما ذكره الحافظ ابن حجر في " شرحه على البخاري " (ج1ص388 - المطبعة البهية) عَنْ عروة فقال: " وقد روى ابن أبي شيبة عن عروة بن الزبير أنه كان يكره الصلاة على شيء دون الأرض ".
قلت: وأكاذيب الشيعة وتدليسهم على الأمة لَا يكاد يحصر , وإنما أردت بيان بعضها مما وقع في هذه الرسالة , بمناسبة تخريج هذا الحديث على سبيل التمثيل , وإلا , فالوقت أعز من أن يضيع في تتبُّعها. أ. هـ
نام کتاب : الجامع الصحيح للسنن والمسانيد نویسنده : صهيب عبد الجبار جلد : 16 صفحه : 9