responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الجامع الصحيح للسنن والمسانيد نویسنده : صهيب عبد الجبار    جلد : 16  صفحه : 184
(حم) , وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ: حَدَّثَنِي سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ - رضي الله عنه - حَدِيثَهُ مِنْ فِيهِ , قَالَ: كُنْتُ رَجُلًا فَارِسِيًّا مِنْ أَهْلِ أَصْبَهَانَ، مِنْ أَهْلِ قَرْيَةٍ مِنْهَا يُقَالُ لَهَا: جَيٌّ , وَكَانَ أَبِي دِهْقَانَ قَرْيَتِهِ [1] وَكُنْتُ أَحَبَّ خَلْقِ اللهِ إِلَيْهِ , فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حُبُّهُ إِيَّايَ حَتَّى حَبَسَنِي فِي بَيْتِهِ , أُلَازِمُ النَّارَ , كَمَا تُحْبَسُ الْجَارِيَةُ , وَأَجْهَدْتُ فِي الْمَجُوسِيَّةِ , حَتَّى كُنْتُ قَطَنَ النَّارِ الَّذِي يُوقِدُهَا , لَا يَتْرُكُهَا تَخْبُو سَاعَةً , وَكَانَتْ لِأَبِي ضَيْعَةٌ عَظِيمَةٌ , فَشُغِلَ فِي بُنْيَانٍ لَهُ يَوْمًا , فَقَالَ لِي: يَا بُنَيَّ , إِنِّي قَدْ شُغِلْتُ فِي بُنْيَانٍ هَذَا الْيَوْمَ عَنْ ضَيْعَتِي , فَاذْهَبْ فَاطَّلِعْهَا , وَأَمَرَنِي فِيهَا بِبَعْضِ مَا يُرِيدُ فَخَرَجْتُ أُرِيدُ ضَيْعَتَهُ , فَمَرَرْتُ بِكَنِيسَةٍ مِنْ كَنَائِسِ النَّصَارَى , فَسَمِعْتُ أَصْوَاتَهُمْ فِيهَا وَهُمْ يُصَلُّونَ - وَكُنْتُ لَا أَدْرِي مَا أَمْرُ النَّاسِ لِحَبْسِ أَبِي إِيَّايَ فِي بَيْتِهِ - فَلَمَّا مَرَرْتُ بِهِمْ وَسَمِعْتُ أَصْوَاتَهُمْ , دَخَلْتُ عَلَيْهِمْ أَنْظُرُ مَا يَصْنَعُونَ , فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ , أَعْجَبَنِي صَلَاتُهُمْ وَرَغِبْتُ فِي أَمْرِهِمْ , فَقُلْتُ: هَذَا وَاللهِ خَيْرٌ مِنْ الدِّينِ الَّذِي نَحْنُ عَلَيْهِ فَوَاللهِ مَا تَرَكْتُهُمْ حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْسُ , وَتَرَكْتُ ضَيْعَةَ أَبِي وَلَمْ آتِهَا , فَقُلْتُ لَهُمْ: أَيْنَ أَصْلُ هَذَا الدِّينِ؟ , فَقَالُوا: بِالشَّامِ , قَالَ: فَرَجَعْتُ إِلَى أَبِي - وَقَدْ بَعَثَ فِي طَلَبِي , وَشَغَلْتُهُ عَنْ عَمَلِهِ كُلِّهِ - فَلَمَّا جِئْتُهُ قَالَ: أَيْ بُنَيَّ , أَيْنَ كُنْتَ؟ , أَلَمْ أَكُنْ عَهِدْتُ إِلَيْكَ مَا عَهِدْتُ؟ , فَقُلْتُ: يَا أَبَتِ , مَرَرْتُ بِنَاسٍ يُصَلُّونَ فِي كَنِيسَةٍ لَهُمْ , فَأَعْجَبَنِي مَا رَأَيْتُ مِنْ دِينِهِمْ , فَوَاللهِ مَا زِلْتُ عِنْدَهُمْ حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْسُ , فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ , لَيْسَ فِي ذَلِكَ الدِّينِ خَيْرٌ , دِينُكَ وَدِينُ آبَائِكَ خَيْرٌ مِنْهُ , فَقُلْتُ: كَلَّا وَاللهِ , إِنَّهُ خَيْرٌ مِنْ دِينِنَا , فَخَافَنِي , فَجَعَلَ فِي رِجْلَيَّ قَيْدًا ثُمَّ حَبَسَنِي فِي بَيْتِهِ , وَبَعَثْتُ إِلَى النَّصَارَى فَقُلْتُ لَهُمْ: إِذَا قَدِمَ عَلَيْكُمْ رَكْبٌ مِنْ الشَّامِ مِنْ تُجَّارِ النَّصَارَى فَأَخْبِرُونِي بِهِمْ , فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِمْ رَكْبٌ مِنْ الشَّامِ مِنْ تُجَّارِ النَّصَارَى أَخْبَرُونِي بِهِمْ , فَقُلْتُ لَهُمْ: إِذَا قَضَوْا حَوَائِجَهُمْ وَأَرَادُوا الرَّجْعَةَ إِلَى بِلَادِهِمْ فَآذِنُونِي بِهِمْ , فَلَمَّا أَرَادُوا الرَّجْعَةَ إِلَى بِلَادِهِمْ أَخْبَرُونِي بِهِمْ , فَأَلْقَيْتُ الْحَدِيدَ مِنْ رِجْلَيَّ , ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَهُمْ حَتَّى قَدِمْتُ الشَّامَ , فَلَمَّا قَدِمْتُهَا قُلْتُ: مَنْ أَفْضَلُ أَهْلِ هَذَا الدِّينِ؟ , فَقَالُوا: الْأَسْقُفُّ فِي الْكَنِيسَةِ , فَجِئْتُهُ فَقُلْتُ: إِنِّي قَدْ رَغِبْتُ فِي هَذَا الدِّينِ , وَأَحْبَبْتُ أَنْ أَكُونَ مَعَكَ أَخْدُمُكَ فِي كَنِيسَتِكَ , وَأَتَعَلَّمُ مِنْكَ , وَأُصَلِّي مَعَكَ , قَالَ: فَادْخُلْ , فَدَخَلْتُ مَعَهُ , فَكَانَ رَجُلَ سَوْءٍ , يَأمُرُهُمْ بِالصَّدَقَةِ وَيُرَغِّبُهُمْ فِيهَا , فَإِذَا جَمَعُوا إِلَيْهِ مِنْهَا أَشْيَاءَ , اكْتَنَزَهُ لِنَفْسِهِ , وَلَمْ يُعْطِهِ الْمَسَاكِينَ , حَتَّى جَمَعَ سَبْعَ قِلَالٍ مِنْ ذَهَبٍ وَوَرِقٍ [2] فَأَبْغَضْتُهُ بُغْضًا شَدِيدًا لِمَا رَأَيْتُهُ يَصْنَعُ , ثُمَّ مَاتَ , فَاجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ النَّصَارَى لِيَدْفِنُوهُ , فَقُلْتُ لَهُمْ: إِنَّ هَذَا كَانَ رَجُلَ سَوْءٍ , يَأمُرُكُمْ بِالصَّدَقَةِ وَيُرَغِّبُكُمْ فِيهَا فَإِذَا جِئْتُمُوهُ بِهَا , اكْتَنَزَهَا لِنَفْسِهِ , وَلَمْ يُعْطِ الْمَسَاكِينَ مِنْهَا شَيْئًا , فَقَالُوا: وَمَا عِلْمُكَ بِذَلِكَ؟ , فَقُلْتُ لَهُمْ: أَنَا أَدُلُّكُمْ عَلَى كَنْزِهِ , فَأَرَيْتُهُمْ مَوْضِعَهُ , فَاسْتَخْرَجُوا مِنْهُ سَبْعَ قِلَالٍ مَمْلُوءَةٍ ذَهَبًا وَوَرِقًا , فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا: وَاللهِ لَا نَدْفِنُهُ أَبَدًا , فَصَلَبُوهُ , ثُمَّ رَجَمُوهُ بِالْحِجَارَةِ ثُمَّ جَاءُوا بِرَجُلٍ آخَرَ , فَجَعَلُوهُ بِمَكَانِهِ , قَالَ سَلْمَانُ: فَمَا رَأَيْتُ رَجُلًا يُصَلِّي الْخَمْسَ أَرَى أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْهُ , وَلَا أَزْهَدُ فِي الدُّنْيَا , وَلَا أَرْغَبُ فِي الْآخِرَةِ , وَلَا أَدْأَبُ لَيْلًا وَنَهَارًا مِنْهُ , قَالَ: فَأَحْبَبْتُهُ حُبًّا لَمْ أُحِبَّهُ مَنْ قَبْلَهُ , وَأَقَمْتُ مَعَهُ زَمَانًا , ثُمَّ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ , فَقُلْتُ لَهُ: يَا فُلَانُ , إِنِّي كُنْتُ مَعَكَ , وَأَحْبَبْتُكَ حُبًّا لَمْ أُحِبَّهُ مَنْ قَبْلَكَ , وَقَدْ حَضَرَكَ مَا تَرَى مِنْ أَمْرِ اللهِ , فَإِلَى مَنْ تُوصِي بِي؟ , وَمَا تَأمُرُنِي؟ , فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ , وَاللهِ مَا أَعْلَمُ أَحَدًا الْيَوْمَ عَلَى مَا كُنْتُ عَلَيْهِ , لَقَدْ هَلَكَ النَّاسُ , وَبَدَّلُوا وَتَرَكُوا أَكْثَرَ مَا كَانُوا عَلَيْهِ , إِلَّا فُلَانًا بِالْمَوْصِلِ , فَهُوَ عَلَى مَا كُنْتُ عَلَيْهِ , فَالْحَقْ بِهِ , فَلَمَّا مَاتَ وَغُيِّبَ , لَحِقْتُ بِصَاحِبِ الْمَوْصِلِ , فَقُلْتُ لَهُ: يَا فُلَانُ , إِنَّ فُلَانًا أَوْصَانِي عِنْدَ مَوْتِهِ أَنْ أَلْحَقَ بِكَ , وَأَخْبَرَنِي أَنَّكَ عَلَى أَمْرِهِ , فَقَالَ لِي: أَقِمْ عِنْدِي , فَأَقَمْتُ عِنْدَهُ , فَوَجَدْتُهُ خَيْرَ رَجُلٍ , عَلَى أَمْرِ صَاحِبِهِ , فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ مَاتَ , فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قُلْتُ لَهُ: يَا فُلَانُ , إِنَّ فُلَانًا أَوْصَى بِي إِلَيْكَ , وَأَمَرَنِي بِاللُّحُوقِ بِكَ , وَقَدْ حَضَرَكَ مِنْ اللهِ - عز وجل - مَا تَرَى , فَإِلَى مَنْ تُوصِي بِي؟ , وَمَا تَأمُرُنِي؟ , فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ , وَاللهِ مَا أَعْلَمُ رَجُلًا عَلَى مِثْلِ مَا كُنَّا عَلَيْهِ إِلَّا فُلَانًا بِنَصِيبِينَ [3] فَالْحَقْ بِهِ , فَلَمَّا مَاتَ وَغُيِّبَ , لَحِقْتُ بِصَاحِبِ نَصِيبِينَ , فَجِئْتُهُ فَأَخْبَرْتُهُ بِخَبَرِي وَمَا أَمَرَنِي بِهِ صَاحِبِي , فَقَالَ لِي: أَقِمْ عِنْدِي , فَأَقَمْتُ عِنْدَهُ , فَوَجَدْتُهُ عَلَى أَمْرِ صَاحِبَيْهِ , فَأَقَمْتُ مَعَ خَيْرِ رَجُلٍ , فَوَاللهِ مَا لَبِثَ أَنْ نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ , فَلَمَّا حُضِرَ قُلْتُ لَهُ: يَا فُلَانُ , إِنَّ فُلَانًا كَانَ أَوْصَى بِي إِلَى فُلَانٍ , ثُمَّ أَوْصَى بِي فُلَانٌ إِلَيْكَ , فَإِلَى مَنْ تُوصِي بِي؟ , وَمَا تَأمُرُنِي؟ , فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ , وَاللهِ مَا أَعْلَمُ أَحَدًا بَقِيَ عَلَى أَمْرِنَا آمُرُكَ أَنْ تَأتِيَهُ إِلَّا رَجُلًا بِعَمُّورِيَّةَ , فَإِنَّهُ بِمِثْلِ مَا نَحْنُ عَلَيْهِ , فَإِنْ أَحْبَبْتَ فَأتِهِ , فَإِنَّهُ عَلَى أَمْرِنَا , قَالَ: فَلَمَّا مَاتَ وَغُيِّبَ , لَحِقْتُ بِصَاحِبِ عَمُّورِيَّةَ , وَأَخْبَرْتُهُ خَبَرِي , فَقَالَ لِي: أَقِمْ عِنْدِي , فَأَقَمْتُ مَعَ رَجُلٍ عَلَى هَدْيِ أَصْحَابِهِ وَأَمْرِهِمْ , وَاكْتَسَبْتُ حَتَّى كَانَ لِي بَقَرَاتٌ وَغُنَيْمَةٌ , ثُمَّ نَزَلَ بِهِ أَمْرُ اللهِ , فَلَمَّا حُضِرَ قُلْتُ لَهُ: يَا فُلَانُ , إِنِّي كُنْتُ مَعَ فُلَانٍ , فَأَوْصَى بِي فُلَانٌ إِلَى فُلَانٍ , وَأَوْصَى بِي فُلَانٌ إِلَى فُلَانٍ , ثُمَّ أَوْصَى بِي فُلَانٌ إِلَيْكَ , فَإِلَى مَنْ تُوصِي بِي؟ , وَمَا تَأمُرُنِي؟ , فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ , وَاللهِ مَا أَعْلَمُهُ أَصْبَحَ عَلَى مَا كُنَّا عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ النَّاسِ آمُرُكَ أَنْ تَأتِيَهُ , وَلَكِنَّهُ قَدْ أَظَلَّكَ زَمَانُ نَبِيٍّ هُوَ مَبْعُوثٌ بِدِينِ إِبْرَاهِيمَ , يَخْرُجُ بِأَرْضِ الْعَرَبِ , مُهَاجِرًا إِلَى أَرْضٍ بَيْنَ حَرَّتَيْنِ بَيْنَهُمَا نَخْلٌ , بِهِ عَلَامَاتٌ لَا تَخْفَى: يَأكُلُ الْهَدِيَّةَ , وَلَا يَأكُلُ الصَّدَقَةَ وَبَيْنَ كَتِفَيْهِ خَاتَمُ النُّبُوَّةِ , فَإِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَلْحَقَ بِتِلْكَ الْبِلَادِ فَافْعَلْ , قَالَ: فَلَمَّا مَاتَ وَغُيِّبَ , مَكَثْتُ بِعَمُّورِيَّةَ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ أَمْكُثَ , ثُمَّ مَرَّ بِي نَفَرٌ مِنْ كَلْبٍ تُجَّارًا , فَقُلْتُ لَهُمْ: تَحْمِلُونِي إِلَى أَرْضِ الْعَرَبِ وَأُعْطِيكُمْ بَقَرَاتِي هَذِهِ وَغُنَيْمَتِي هَذِهِ؟ , فَقَالُوا: نَعَمْ , فَأَعْطَيْتُهُمُوهَا وَحَمَلُونِي , حَتَّى إِذَا قَدِمُوا بِي وَادِي الْقُرَى , ظَلَمُونِي , فَبَاعُونِي مِنْ رَجُلٍ مِنْ يَهُودَ عَبْدًا , فَكُنْتُ عِنْدَهُ , وَرَأَيْتُ النَّخْلَ , فَرَجَوْتُ أَنْ تَكُونَ الْبَلَدَ الَّذِي وَصَفَ لِي صَاحِبِي , فَبَيْنَمَا أَنَا عِنْدَهُ , قَدِمَ عَلَيْهِ ابْنُ عَمٍّ لَهُ مِنْ الْمَدِينَةِ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ , فَابْتَاعَنِي مِنْهُ , فَاحْتَمَلَنِي إِلَى الْمَدِينَةِ , فَوَاللهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَأَيْتُهَا , فَعَرَفْتُهَا بِصِفَةِ صَاحِبِي , فَأَقَمْتُ بِهَا , وَبَعَثَ اللهُ رَسُولَهُ , فَأَقَامَ بِمَكَّةَ مَا أَقَامَ , لَا أَسْمَعُ لَهُ بِذِكْرٍ , مَعَ مَا أَنَا فِيهِ مِنْ شُغْلِ الرِّقِّ , ثُمَّ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ , فَوَاللهِ إِنِّي لَفِي رَأسِ عَذْقٍ لِسَيِّدِي أَعْمَلُ فِيهِ بَعْضَ الْعَمَلِ , وَسَيِّدِي جَالِسٌ , إِذْ أَقْبَلَ ابْنُ عَمٍّ لَهُ حَتَّى وَقَفَ عَلَيْهِ فَقَالَ: يَا فُلَانُ , قَاتَلَ اللهُ بَنِي قَيْلَةَ [4] وَاللهِ إِنَّهُمْ الْآنَ لَمُجْتَمِعُونَ بِقُبَاءَ عَلَى رَجُلٍ قَدِمَ عَلَيْهِمْ مِنْ مَكَّةَ الْيَوْمَ , يَزْعُمُونَ أَنَّهُ نَبِيٌّ , قَالَ: فَلَمَّا سَمِعْتُهُ أَخَذَتْنِي الْعُرَوَاءُ [5] حَتَّى ظَنَنْتُ سَأَسْقُطُ عَلَى سَيِّدِي , فَنَزَلْتُ عَنْ النَّخْلَةِ , فَجَعَلْتُ أَقُولُ لِابْنِ عَمِّهِ: مَاذَا تَقُولُ؟ , مَاذَا تَقُولُ؟ , فَغَضِبَ سَيِّدِي , فَلَكَمَنِي لَكْمَةً شَدِيدَةً , ثُمَّ قَالَ: مَا لَكَ وَلِهَذَا؟ , أَقْبِلْ عَلَى عَمَلِكَ , فَقُلْتُ: لَا شَيْءَ , إِنَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أَسْتَثْبِتَ عَمَّا قَالَ , فَاسْتَأذَنْتُ مَوْلَاتِي فَقُلْتُ لَهَا: هَبِي لِي يَوْمًا , فَقَالَتْ: نَعَمْ , فَانْطَلَقْتُ فَاحْتَطَبْتُ حَطَبًا فَبِعْتُهُ , فَاشْتَرَيْتُ طَعَامًا , فَلَمَّا أَمْسَيْتُ أَخَذْتُهُ ثُمَّ أَتَيْتُ بِهِ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ بِقُبَاءَ , فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي أَنَّكَ رَجُلٌ صَالِحٌ , وَمَعَكَ أَصْحَابٌ لَكَ غُرَبَاءُ ذَوُو حَاجَةٍ , وَهَذَا شَيْءٌ كَانَ عِنْدِي لِلصَّدَقَةِ , فَرَأَيْتُكُمْ أَحَقَّ بِهِ مِنْ غَيْرِكُمْ , فَقَرَّبْتُهُ إِلَيْهِ , فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لِأَصْحَابِهِ: " كُلُوا , وَأَمْسَكَ هُوَ يَدَهُ فَلَمْ يَأكُلْ " , فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: هَذِهِ وَاحِدَةٌ , ثُمَّ انْصَرَفْتُ عَنْهُ فَجَمَعْتُ شَيْئًا , " وَتَحَوَّلَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الْمَدِينَةِ " , ثُمَّ جِئْتُ بِهِ فَقُلْتُ: إِنِّي رَأَيْتُكَ لَا تَأكُلُ الصَّدَقَةَ , وَهَذِهِ هَدِيَّةٌ أَكْرَمْتُكَ بِهَا , " فَأَكَلَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْهَا , وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ فَأَكَلُوا مَعَهُ " , فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: هَاتَانِ اثْنَتَانِ , ثُمَّ جِئْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ بِبَقِيعِ الْغَرْقَدِ [6] وَقَدْ تَبِعَ جَنَازَةً مِنْ أَصْحَابِهِ , عَلَيْهِ شَمْلَتَانِ لَهُ , وَهُوَ جَالِسٌ فِي أَصْحَابِهِ , فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ اسْتَدَرْتُ أَنْظُرُ إِلَى ظَهْرِهِ , هَلْ أَرَى الْخَاتَمَ الَّذِي وَصَفَ لِي صَاحِبِي " فَلَمَّا رَآنِي رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - اسْتَدَرْتُهُ , عَرَفَ أَنِّي أَسْتَثْبِتُ فِي شَيْءٍ وُصِفَ لِي , فَأَلْقَى رِدَاءَهُ عَنْ ظَهْرِهِ " , فَنَظَرْتُ إِلَى الْخَاتَمِ فَعَرَفْتُهُ , فَانْكَبَبْتُ عَلَيْهِ أُقَبِّلُهُ وَأَبْكِي , فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " تَحَوَّلْ " , فَتَحَوَّلْتُ , فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ حَدِيثِي كَمَا حَدَّثْتُكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ , " فَأَعْجَبَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَسْمَعَ ذَلِكَ أَصْحَابُهُ " , ثُمَّ شَغَلَ سَلْمَانَ الرِّقُّ حَتَّى فَاتَهُ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بَدْرٌ وَأُحُدٌ, ثُمَّ قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " كَاتِبْ يَا سَلْمَانُ " , فَكَاتَبْتُ صَاحِبِي عَلَى ثَلَاثِ مِائَةِ نَخْلَةٍ أُحْيِيهَا لَهُ بِالْفَقِيرِ [7] وَبِأَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً , فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لِأَصْحَابِهِ: " أَعِينُوا أَخَاكُمْ " , فَأَعَانُونِي بِالنَّخْلِ , الرَّجُلُ بِثَلَاثِينَ وَدِيَّةً [8] وَالرَّجُلُ بِعِشْرِينَ , وَالرَّجُلُ بِخَمْسَ عَشْرَةَ , وَالرَّجُلُ بِعَشْرٍ - يَعْنِي: الرَّجُلُ بِقَدْرِ مَا عِنْدَهُ - حَتَّى اجْتَمَعَتْ لِي ثَلَاثُ مِائَةِ وَدِيَّةٍ , فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " اذْهَبْ يَا سَلْمَانُ فَفَقِّرْ لَهَا , فَإِذَا فَرَغْتَ فَأتِنِي أَكُونُ أَنَا أَضَعُهَا بِيَدَيَّ " , فَفَقَّرْتُ لَهَا , وَأَعَانَنِي أَصْحَابِي , حَتَّى إِذَا فَرَغْتُ مِنْهَا جِئْتُهُ فَأَخْبَرْتُهُ , " فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مَعِي إِلَيْهَا , فَجَعَلْنَا نُقَرِّبُ لَهُ الْوَدِيَّ , وَيَضَعُهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِهِ " , فَوَالَّذِي نَفْسُ سَلْمَانَ بِيَدِهِ , مَا مَاتَتْ مِنْهَا وَدِيَّةٌ وَاحِدَةٌ , فَأَدَّيْتُ النَّخْلَ , وَبَقِيَ عَلَيَّ الْمَالُ , " فَأُتِيَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِمِثْلِ بَيْضَةِ الدَّجَاجَةِ مِنْ ذَهَبٍ مِنْ بَعْضِ الْمَغَازِي , فَقَالَ: مَا فَعَلَ الْفَارِسِيُّ الْمُكَاتَبُ؟ , فَدُعِيتُ لَهُ , فَقَالَ: يَا سَلْمَانُ , خُذْ هَذِهِ فَأَدِّ بِهَا مَا عَلَيْكَ " , فَقُلْتُ: وَأَيْنَ تَقَعُ هَذِهِ مِنْ الَّذِي عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللهِ؟ , فَقَالَ: " خُذْهَا , فَإِنَّ اللهَ - عز وجل - سَيُؤَدِّي بِهَا عَنْكَ " , قَالَ: فَأَخَذْتُهَا , فَوَالَّذِي نَفْسُ سَلْمَانَ بِيَدِهِ , لقَدْ وَزَنْتُ لَهُمْ مِنْهَا أَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً حتَّى أَوْفَيْتُهُمْ مِنْهَا حَقَّهُمْ كُلَّهُ وَعُتِقْتُ , فَشَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - الْخَنْدَقَ , ثُمَّ لَمْ يَفُتْنِي مَعَهُ مَشْهَدٌ. (9)

[1] الدّهْقَان بكسر الدال: رئيسُ القَرْية.
[2] أَيْ: فضة.
[3] هي مدينة عامرة من بلاد الجزيرة , على جادة القوافل من الموصل إلى الشام وفيها وفي قراها على ما يذكر أهلها أربعون ألف بستان , وعليها سور كانت الروم بنته , وأتمه أنوشروان الملك عند فتحه إياها. معجم البلدان (ج4 ص231)
[4] يريد الأَوسَ والخزرجَ قبيلتي الأَنصار , وقَيْلة: اسم أُمَ لهم قديمة , وهي قَيْلة بنت كاهِل. لسان العرب (ج11 ص 572)
[5] أَيْ: الرِّعْدَة. لسان العرب - (ج 15 / ص 44)
[6] الْبَقِيع: مَقْبَرَة الْمُسْلِمِينَ بالمدينة.
[7] فقير النخلة: حُفْرة تُحْفَر للفَسِيلة إذا حُوّلت لتُغْرَس فيها , ومنه الحديث [قال لسَلْمان: اذْهب ففَقِّرْ للفَسيل] أي: احْفِرْ لها موضعاً تُغْرَس فيه , واسم تلك الحُفْرة: فُقْرَة وفَقِير. النهاية في غريب الأثر - (ج 3 / ص 899)
[8] الوَدِيَّة: مفرد الوَدِيّ، وهو صغار النخل.
(9) (حم) 23788، انظر الصَّحِيحَة: 894، صحيح السيرة ص62
نام کتاب : الجامع الصحيح للسنن والمسانيد نویسنده : صهيب عبد الجبار    جلد : 16  صفحه : 184
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست