[230]- (447) خ نَا مُسَدَّدٌ، نَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ المُخْتَارِ، نَا خَالِدٌ.
وَ (2812) نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أنَا عَبْدُالوَهَّابِ، نَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، أنَّ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ لِي وَلِابْنِهِ عَلِيٍّ: انْطَلِقَا إِلَى أبِي سَعِيدٍ فَاسْمَعَا مِنْ حَدِيثِهِ، فَانْطَلَقْنَا فَإِذَا هُوَ - قَالَ عَبْدُالوَهَّابِ: وَأَخُوهُ فِي حَائِطٍ لَهُمَا يَسْقِيَانِهِ، فَلَمَّا رَآنَا جَاءَ - قَالَ مُسَدَّدٌ: فَأَخَذَ رِدَاءَهُ فَاحْتَبَى، ثُمَّ أَنْشَأَ يُحَدِّثُنَا، حَتَّى أَتَى عَلَى ذِكْر بِنَاءِ الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: كُنَا نَحْمِلُ لَبِنَةً لَبِنَةً، وَعَمَّارٌ لَبِنَتَيْنِ لَبِنَتَيْنِ، فَرَآهُ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَفَضَ التُّرَابَ عَنْهُ، وَيَقُولُ: «وَيْحَ عَمَّارٍ ([1])،
يَدْعُوهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ وَيَدْعُونَهُ إِلَى النَّارِ»، قَالَ: يَقُولُ عَمَّارٌ: أَعُوذُ بِالله مِنْ الْفِتَنِ. [1] في الصحيح من الطريقين هنا زيادة: (تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ) وليست هذه الزيادة في نسختنا، وفي إثباتها في صحيح البخاري بحث، ملخصه: أن عامة النسخ خلت منها، إلا أنها وردت في رواية ابن السكن وكريمة، وكذا ثبتت في نسخة الصغاني التي ذكر أنه قابلها على نسخة الفربري التي بخطه.
وهذه الزيادة لم يذكرها الحميدي في الجمع وقال: إن البخاري لم يذكرها أصلا، وكذا قال أبو مسعود، قال الحميدي: ولعلها لم تقع للبخاري، أو وقعت فحذفها عمدا.
قال: وقد أخرجها الإسماعيلي والبرقاني في هذا الحديث.
قال الحافظ: ويظهر لي أن البخاري حذفها عمدا وذلك لنكتة خفية، وهي أن أبا سعيد الخدري اعترف أنه لم يسمع هذه الزيادة من النبي صلى الله عليه وسلم فدل على أنها في هذه الرواية مدرجة، والرواية التي بينت ذلك ليست على شرط البخاري، وقد أخرجها البزار من طريق داود بن أبي هند عن أبي نضرة عن أبي سعيد فذكر الحديث في بناء المسجد وحملهم لبنة لبنة وفيه فقال أبو سعيد: فحدثني أصحابي ولم أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: يا ابن سمية تقتلك الفئة الباغية، وابن سمية هو عمار وسمية اسم أمه. وهذا الإسناد على شرط مسلم، وقد عين أبو سعيد من حدثه بذلك، ففي مسلم والنسائي من طريق أبي سلمة عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال: حدثني من هو خير مني أبو قتادة، فذكره، فاقتصر البخاري على القدر الذي سمعه أبو سعيد من النبي صلى الله عليه وسلم دون غيره، وهذا دال على دقة فهمه وتبحره في الاطلاع على علل الأحاديث.
قلت: الصحيح مشحون برواية الصحابة بعضهم عن بعض، بل وبمراسيلهم، ويظهر لي في ترك البخاري هذه اللفظة احتمالا آخر، وهو أنه تعمد تركها صيانة لجانب الصحاب من أن يمس بسوء، فقد كان من مذهبه عدم الخوض فيما شجر بين الصحابة، والكف عن ذلك، فتركها كي لا يضعها من رواها في غير موضعها، فيشنع بها على الصحابة، فإن في جيش معاوية - كما لا يخفى - جمع من الصحابة، الأمر الذي جعل بعض الشراح يتكلف في تأويلها، فزعم بعضهم أن المراد حروبه مع علي ضد الخوارج، وزعم آخرون أن المراد بالذين يدعونه إلى النار هم كفار قريش، إلى مزاعم أخرى ضعيفة.
وتأويلها: أنهم يدعونه الى الجنة فيما يظنون أنه حق، إذ أنهم أخطأوا في اجتهادهم، ووفق الله عمارا فأصاب الحق في هذه المسألة، فلو تابعهم على دعواهم وقاتل معهم مع اعتقاده أنهم على الباطل كان في إجابتهم الوقوع في النار، بالنسبة له، هذا هو معنى هذه اللفظة، ثم انظر إلى فقه البخاري وورعه، وصيانته لجانب الصحب الكرام من أن يظن به السوء، وهو الذي روى في كتاب العلم ما يجوز من كتمان بعض العلم خشية الفتنة، فرضي الله عن الصحابة أجمعين، ورحمهم، ونفعنا بعلومهم، وجمعنا بهم في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
نام کتاب : المختصر النصيح في تهذيب الكتاب الجامع الصحيح نویسنده : المهلب بن أبي صفرة جلد : 1 صفحه : 324