responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فوائد أبي الفرج الثقفي نویسنده : الثقفي، أبو الفرج    جلد : 1  صفحه : 19
18 - حَدَّثَنَا الْحَاكِمُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْمُقْرِئِ الظَّافِرِيُّ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ، ثنا أَبُو عَلِيِّ بْنُ مِهْرَانَ، ثنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، ثنا يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ الزِّبْرِقَانُ، أنبا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، أنبا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: " §كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ عَابِدٌ وَكَانَ مُعْتَزِلا فِي كَهْفٍ.
قَالَ: فَكَأَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أُعْجِبُوا بِعِبَادَتِهِ، فَبَيْنَا هُمْ عِنْدَ نَبِيٍّ لَهُمْ إِذْ ذَكَرُوهُ، فَأَثْنَوْا عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: إِنَّهُ لَكَمَا تَقُولُونَ لَوْ أَنَّهُ تَارِكٌ لِشَيْءٍ مِنَ السُّنَّةِ.
قَالَ: فَنُقِلَ ذَلِكَ إِلَى الْعَابِدِ.
فَقَالَ: عَلَى مَا آذَيْتُ نَفْسِي، وَأَتْعَبْتُهُا أَصُومُ النَّهَارَ، وَأَقُومُ اللَّيْلَ، وَأَنَا تَارِكٌ لِشَيْءٍ مِنَ السُّنَّةِ.
قَالَ: فَهَبَطَ مِنْ مَكَانِهِ.
قَالَ: وَأَتَى النَّبِيَّ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ وَالنَّاسُ مَعَهُ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَرَدَّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ لا يَعْرِفُهُ بِوَجْهِهِ وَيَعْرِفُهُ بِاسْمِهِ.
فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّه إِنَّهُ بَلَغَنِي لأَنِّي ذُكِرْتُ عِنْدَكَ بِخَيْرٍ، فَقُلْتَ: إِنَّهُ لَكَمَا تَقُولُونَ لَوْلا أَنَّهُ تَارِكٌ لِشَيْءٍ مِنَ السُّنَّةِ، فَإِنْ كُنْتُ تَارِكًا فَعَلَى مَا آذَيْتُ نَفْسِي، أَصُومُ النَّهَارَ، وَأَقُومُ اللَّيْلَ.
فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنْتَ فُلانٌ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: مَا هُوَ شَيْءٌ أَحْدَثْتَهُ فِي الإِسْلامِ إِلا أَنَّكَ لا تتَزَوَّجُ.
قَالَ لَهُ الْعَابِدُ: وَمَا هُوَ إِلا هَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: فَكَأَنَّ الْعَابِدَ اسْتَخَفَّ بِذَلِكَ.
قَالَ: فَلَمَّا رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاكَ، قَالَ: أَرَأَيْتَ لَوْ فَعَلَ النَّاسُ مِثْلَ مَا فَعَلْتَ مِنْ أَيْنَ يَكُونُ النَّسْلُ؟ مَنْ كَانَ يَنْفِي الْعَدُوَّ عَنْ ذَرَارِيِّ الْمُسْلِمِينَ؟ مَنْ كَانَ يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَيَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ؟ وَمَنْ كَانَ يَجْمَعُ فِي الْمُسْلِمِينَ؟ قَالَ: فَعَرَفَ الْعَابِدُ مَا قَالَ.
قَالَ: فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ هُوَ مَا قُلْتَ، فَإِنِّي إِنْ أَكُنْ أُحْرَمُهُ، وَلَكِنِّي أُخْبِرُكَ عَنِّي أَنَا رَجُلٌ فَقِيرٌ، وَأَنَا كَلٌّ عَلَى النَّاسِ، وَهُمْ يُطْعِمُونِي، وَيُلْبِسُونِي، لَيْسَ لِي مَالٌ، وَأَنَا أَكْرَهُ أَنْ أَتَزَوَّجَ امْرَأَةً مُسْلِمَةً فَأَعُقَّهَا، وَلَيْسَ عِنْدِي مَا أُنْفِقُ عَلَيْهَا، وَأَمَّا الأَغْنِيَاءُ فَلا يُزَوِّجُونِي.
قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا بِكَ إِلا ذَاكَ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ النَّبِيُّ: فَأَنَا أُزَوِّجُكَ ابْنَتِي.
قَالَ: وَتَفْعَلُ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: قَدْ قَبِلْتُ.
قَالَ: فَزَوَّجَهُ ابْنَتَهُ قَالَ: فَدَخَلَ بِهَا فَوَلَدَتْ لَهُ غُلامًا.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَوَاللَّهِ مَا وُلِدَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ مَوْلُودٌ كَانُوا أَشَدَّ بِهِ فَرَحًا مِنْهُمْ بِذَاكَ الْغُلامِ.
قَالُوا: ابْنُ عَابِدِنَا، وَابْنُ نَبِيِّنَا، إِنَّا لَنَرْجُو أَنْ يَبْلُغَ بِهِ مَا بَلَغَ بِرَجُلٍ مِنَّا.
قَالَ: فَلَمَّا بَلَغَ الْغُلامُ انْقَطَعَ إِلَى عِبَادَةِ الأَوْثَانِ.
قَالَ: فَتَبِعَهُ فِئَامٌ مِنْهُمْ كَثِيرٌ، فَلَمَّا رَأَى كَثْرَتَهُمْ، قَالَ لَهُمْ: إِنِّي أَرَاكُمْ كَثِيرًا وَأَرَى هَؤُلاءِ الْقَوْمِ غَالِبِينَ لَكُمْ فَمِمَّ ذَاكَ؟ قَالُوا: نُخْبِرُكَ، لَهُمْ رَأْسٌ وَلَيْسَ لَنَا رَأْسٌ.
قَالَ: وَمَنْ رَأْسُهُمْ؟ قَالُوا جَدُّكَ.
قَالَ: فَأَنَا رَأْسُكُمْ.
قَالُوا: تَفْعَلُ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: فَخَرَجَ، وَخَرَجَ مَعَهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ.
قَالَ: فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ جَدُّهُ وَأَبُوهُ: أَنِ اتَّقِ اللَّهَ، خَرَجْتَ عَلَيْنَا تَعْبُدُ الأَوْثَانَ، وَتَرَكْتَ الإِسْلامَ، وَأَخَذْتَ فِي دِينٍ غَيْرِهِ.
فَأَبَى.
فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَرَجَ مَعَهُ أَبُوهُ فَدَعُوهُ، فَأَبَى , فَاقْتَتَلُوا حَتَّى حَجَزَ بَيْنَهُمُ اللَّيْلُ، ثُمَّ اقْتَتَلُوا الْيَوْمَ الثَّانِيَ حَتَّى حَجَزَ بَيْنَهُمُ اللَّيْلُ، فَقُتِلَ النَّبِيُّ، وَقُتِلَ أَبَاهُ، وَانْهَزَمَ الْمُسْلِمُونَ فِي صبط الأَرْضِ، وَاسْتَوْسَقَ لَهُ النَّاسُ.
قَالَ: فَجَعَلَتْ نَفْسُهُ لا تَدَعُهُ حَتَّى يَتْبَعَ الْمُسْلِمِينَ وَيَقْتُلَهُمْ فِي الْجِبَالِ.
قَالَ: فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ اجْتَمَعَ الْمُسْلِمُونَ، فَقَالُوا قَدْ خَلَّيْنَا لَهُ الْمُلْكَ وَهُوَ يَتْبَعُنَا وَيَقْتُلُنَا، وَانْهَزَمْنَا عَنْ نَبِيِّنَا، وَعَابِدِنَا حَتَّى قُتِلا، وَلَيْسَ يَدَعُنَا أَوْ يَقْتُلُنَا، فَتَعَالَوْا نَتُبْ إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا فَنُقْتَلُ وَنَحْنُ تَائِبُونَ، فَتَابُوا إِلَى اللَّهِ، وَوَلَّوْا رَجُلا مِنْهُمْ فَخَرَجُوا إِلَيْهِ فَاقْتَتَلُوا لأَوَّلِ يَوْمٍ حَتَّى حَجَزَ بَيْنَهُمُ اللَّيْلُ، ثُمَّ عَادُوا فَاقْتَتَلُوا حَتَّى حَجَزَ بَيْنَهُمُ اللَّيْلُ وَكَثُرَ الْقَتْلُ بَيْنَهُمْ، وَعَدُّوا الْيَوْمَ الثَّالِثَ فَاقْتَتَلُوا فَلَمَّا عَلِمَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمُ الصِّدْقَ، وَأَنَّهُمْ قَدْ تَابُوا تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، وَأَقْبَلَتِ الرِّيحُ لَهُمْ، فَقَالَ صَاحِبُهُمْ: إِنِّي لأَرْجُو أَنْ يَكُونَ اللَّهُ قَدْ تَابَ عَلَيْنَا وَقَبِلَ مِنَّا , إِنِّي أَرَى الرِّيحَ قَدْ أَقْبَلَتْ مَعَنَا، وَأَنَّ نُصْرَتَنَا بَدَتْ، فَإِنِ اسْتَطْعَتْم أَنْ تَأْخُذُوهُ سِلْمًا وَلا تَقْتُلُوهُ.
قَالَ: وَأَنْزَلَ اللَّهُ النَّصْرَ عَلَيْهِمْ مِنْ آخِرِ النَّهَارِ وَهَزَمُوهُمْ، وَأَخَذُوهُ أَسِيرًا، وَمَكَّنَ اللَّهُ الْمُسْلِمِينَ فِي الأَرْضِ، وَظَهَرَ الإِسْلامُ.
قَالَ: فَجَمَعَ رَأْسُ الْمُسْلِمِينَ خِيَارَ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ: مَا تَرَوْنَ فِي هَذَا؟ بَدَّلَ دِينَهُ، وَدَخَلَ مَعَ عَبَدَةِ الأَوْثَانِ فِي ديِنِهِمْ , وَقَتَلَ نَبِيَّنَا جَدَّهُ، وَقَتَلَ أَبَاهُ، فَقَائِلٌ يَقُولُ: أَحْرِقْهُ بِالنَّارِ.
قَالَ: وَيَمُوتُ فَيَذْهَبُ، وَقَائِلٌ يَقُولُ: قَطِّعْهُ.
قَالَ: فَقَالَ: إِنَّهُ يَمُوتُ فَيَذْهَبُ.
قَالُوا: أَنْتَ أَعْلَمُ اصْنَعْ بِهِ مَا شِئْتَ.
قَالَ: فَإِنِّي أَرَى أَنْ أَصْلِبَهُ حَيًّا، ثُمَّ أَدَعَهُ حَتَّى يَمُوتَ.
قَالَ: فَفَعَلَ ذَلِكَ بِهِ، صَلَبَهُ حَيًّا، وَجَعَلَ عَلَيْهِ الْحَرَسَ، وَلَمْ يَقْتُلْهُ، وَجَعَلُوا لا يُطْعِمُونَهُ، وَلا يَسْقُونَهُ، فَمَكَثَ أَوَّلَ يَوْمٍ، وَالثَّانِيَ، وَالثَّالِثَ، فَلَمَّا كَانَ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ أَصَابَ الْجَهْدُ الرَّجُلَ فَعَمَدَ إِلَى أَوْثَانِهِ الَّتِي كَانَ يَعْبُدُهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ , فَجَعَلَ يَدْعُو صَنَمًا صَنَمًا مِنْهَا , فَإِذَا رَآهُ لا يُجِيبُهُ تَرَكَهُ وَدَعَا الآخَرَ حَتَّى دَعَاهَا كُلَّهَا، فَلَمَّا لَمْ تُجِبْهُ، قَالَ وَجُهِدَ: اللَّهُمَّ إِنِّي قَدْ جَهَدْتُ، وَقَدْ دَعَوْتُ الآلِهَةَ الَّتِي كُنْتُ أَدْعُو مِنْ دُونِكَ فَلَمْ تُجِبْنِي، وَلَوْ كَانَ عِنْدَهَا خَيْرٌ لأَجَابَتْنِي، وَأَنَا تَائِبٌ إِلَيْكِ إِلَهَ جَدِّي وَأَبِي فَخَلِّصْنِي مِمَّا أَنَا فِيهِ، فَإِنِّي قَدْ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ.
قَالَ: فَتَحَلَّلَتْ عَنْهُ عُقْدَةٌ فَإِذَا هُوَ بِالأَرْضِ، فَأُخِذَ، فَأُتِيَ بِهِ صَاحِبَهُمْ، فَقَالَ: مَا تَرَوْنَ فِيهِ؟ قَالُوا: وَمَا تَرَى فِيهِ؟ اللَّهُ يُخَلِّي عَنْهُ، وَتَسْأَلُنَا مَا نَرَى فِيهِ؟ قَالَ: صَدَقْتُمْ، فَخَلُّوا عَنْهُ.
قَالَ: فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَوَاللَّهِ مَا كَانَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ بَعْدُ رَجُلٌ خَيْرٌ مِنْهُ ".
هَذَا حَدِيثٌ حَسَنُ الإِسْنَادِ وَالْمَتْنِ، غَرِيبٌ لا أَعْلَمُ أَنِّي سَمِعْتُهُ إِلا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ الَّذِي أَخْرَجْنَاهُ، وَاللَّهُ تَعَالَى هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ

نام کتاب : فوائد أبي الفرج الثقفي نویسنده : الثقفي، أبو الفرج    جلد : 1  صفحه : 19
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست