نام کتاب : نمو الإنسان من مرحلة الجنين إلى مرحلة المسنين نویسنده : آمال صادق جلد : 1 صفحه : 370
{لَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ فِي كَبَدٍ} [البلد: 4] .
إلّا أن الراشدين ليسوا بالضرورة في حاجةٍ إلى حل جميع التناقضات التي يواجهونها، فالإنسان الناضج -رأى ريجل- هو الذي يتقبل هذه التناقضات على أنها خاصية أساسية من خصائص الفكر والحياة الإنسانية.
3- التفكير النسبي العملي في إطار سياقات معينة: اقترحت هذا النموذج جيزيلا لابوفى -فيف عام 1982 "Lambouvie Vief 1982", في نقدها المفصَّلِ لاستخدام نموذج بياجيه أو غيره من النماذج المتمركزة حول الطفل أو المراهق, في تفسير النمو المعرفي للراشدين, وفي رأيها أن التركيز على هذا النموذج يمكن أن يعبِّرُ عن تدهورٍ أو نكوصٍ في تفكير الراشدين, وليس تقدمًا أو تطورًا, ويمكن توظيف مثل هذا النموذج عند تناول النشاط المعرفي للمسنين المعمرين الذين قد يبلغون أرذل العمر؛ حيث الانتكاس والنكوص بالفعل, أما عند تفسير سلوك الراشدين، وهم الفئة العمرية التي تدل على القوة واكتمال النموّ، في إطار أفكار بياجيه فإننا نقع -في رأيها- في خطأ بالغ.
بل إن الاعتماد على النموذج التقليدي لبياجيه في تفسير تفكير الراشدين قد يوحي لنا بحدوث عمليات سوء توافق لديهم إذا لاحظنا أن تفكيرهم المنطقي والصوري يتناقص, بينما يتزايد لديهم التركيز الأكثر برجماسية,. والموجِّه عيانيًّا نحو الواقع, إلّا أن حقيقة الأمر أن هذا ما يحدث بالفعل في تفكير الراشدين, وهو علامة على مزيدٍ من التوافق والتقدم، بل إن التفكير الصوري قد يكون اختيارًا خاطئًا في طور الرشد بسبب الطابع المثالي الغالب عليه, والذي قد يبعده عن التوجه العملي نحو عالم الواقع.
ومن الملاحظ أنه مع تقدُّمِ الشباب في دراستهم الجامعية, أو في مجال حياتهم المهنية, تتناقص في تفكيرهم خاصية "المطلق", وتتزايد خاصية "النسبي"؛ ففي إدراك الراشد توجد منظورات متعددة, وسياقات مختلفة, وحلول بديلة للمشكلات، ولعل هذا يفسر لنا النقص في استخدام التفكير الصوري خلال الانتقال من المراهقة إلى الرشد, ويدل هذا على السعي نحو إحداث تكاملٍ جديدٍ في التفكير الإنساني من خلال تَقَبُّلِ ضوابط عالم الواقع وقيوده وحدوده وشروطه، وهذا كله من سمات تفكير الراشدين. وتعني هذه الاستراتيجية التوافقية أن الراشد يعتمد اعتمادًا أقل على البحث عن اليقين المنطقي في حل المشكلات، ولهذا فإن جزءًا من هذا التغير المعرفي يظهر لدى الراشدين المبكِّرِين في صورة التخصص والنسبية والواقعية, بدلًا من التفكير المطلق والمثالي والعام لدى من هم أصغر سنًّا.
نام کتاب : نمو الإنسان من مرحلة الجنين إلى مرحلة المسنين نویسنده : آمال صادق جلد : 1 صفحه : 370