نام کتاب : نمو الإنسان من مرحلة الجنين إلى مرحلة المسنين نویسنده : آمال صادق جلد : 1 صفحه : 212
وبإيجازٍ يمكن القول أن الصورة المبكرة للنشاط العقلي للطفل تتمثل في استخدام الاستشكاف الحسي, ثم من خلال المعالجة اليدوية, وفي العام الأول يمكن للطفل أن يفسِّرَ الخبرات الجديدة في ضوء خبراتٍ قديمة, وفي العام الثاني يمكنه الوصول إلى تعميمات بسيطة تعتمد على خبرات محدودة يكتشف بينها علاقات.
وقد أكدت دراسات النموّ العقلي التي قام بها بياجيه, أن الرُّضَّعَ يظهرون السلوك العقلي قبل أن يتكلموا بكثير، ويسمي هذه المرحلةَ المرحلةُ الحسيةُ الحركيةُ, باعتبار الإدراك الحسي والنشاط هما الطابعان الغالبان على النشاط العقلي في هذه المرحلة.
وفي نموّ المفاهيم نجد أن مفاهيم المكان والزمان والوزن والحجم تتكون جميعًا في هذه المرحلة, ولو على نحوٍ غير دقيق, ويظهر مفهوم الذات قبل مفهوم الآخر, ورغم ذلك, فإن الطفل لا يستطيع أن يميز بين نفسه والبيئة في مرحلة مبكرة مثلما يميِّزُ بين الآخرين والبيئة في الجزء الأخير من العام الأول "في صورة الخجل من الآخرين".
وأبسط صورة للإدراك الجمالي توجد في تفضيل الألوان, فابتداءً من الشهر السادس حتى نهاية العام الثاني يستجيب الأطفال بطريقة مختلفة للألوان المختلفة, ويكون ترتيب التفضيل: هو الأحمر فالأصغر فالأزرق فالأخضر, ويظهر التذوق الموسيقي في ميل الطفل للموسيقى التي تشبه الأغنيات التي تهدهده بها أمه في المهد حتى ينام. "آمال صادق، 1989".
النمو الانفعالي:
تنمو الانفعالات في هذه المرحلة بسبب النضج والتعلم من الأشكال البسيطة غير المتمايزة تمامًا, التي تظهر عند الولادة إلى حالات انفعالية متمايزة, يمكن أن تستثيرها أنواع مختلفة من المثيرات, ومع التقدّم في العمر تكون الاستجابات الانفعالية أقلّ اختلاطًا وعشوائيةً وأكثر تحديدًا, وبدلًا من الاستثارة الانفعالية العامة عند الولادة تظهر بالتدريج انفعالات الخوف والغضب والتقزز والحزن والسرور والغرور والحب.
وتظهر تغيرات هامة على صور الاستجابات الانفعالية؛ فالصراخ والبكاء يظهران كما قلنا منذ الولادة, وحينما يصل الطفل إلى الشهر الثامن يستخدم النداء مع الصراخ والبكاء, وخلال الفترة من 16-20 شهرًا يبدأ في النطق بكلمة "لا", وتظهر استجابة إخفاء الوجه، وبين الشهر العشرين والشهر الرابع والعشرين يطلب الصحبة, أما الجري عند الخوف فلا يظهر إلّا عند نهاية هذه المرحلة "بعد بلوغ الطفل سنتين على الأقل".
وتتسم انفعالات الطفل في هذه المرحلة بأن استجاباتها أكبر كثيرًا من المثيرات التي تحدثها, وخاصة في حالتي الغضب والخوف, وهي قصيرةٌ في مدتها الزمنية, ولكنها تكون حادَّةً إذا استمرت فترة طويلة, ويتكرر حدوثها, ولكنها عادةً ما تكون مؤقتة، ويمكن للطفل أن يتحول من انفعالٍ إلى آخر إذا تشتت انتباهه.
ويحتاج الطفل في هذه المرحلة إلى أن يعبِّرَ عن انفعالاته بالطرق العادية, ومن حسن الحظِّ أن معظم الأطفال لا يتعرضون للحرمان من التعبير الانفعالي, ولا يحدث هذا إلّا للأطفال الذين يرفضهم الوالدان, ويعيشون في المؤسسات بدلًا من الأسر البديلة, وهذا الحرمان له آثاره الضارَّة على النموّ في مختلف الجوانب الأخرى: النمو الجسمي والحركي واللغوي والاجتماعي, فالتعبير الانفعالي في هذه المرحلة ليس محض تصريف طاقة, وإنما هو فرصة للتعبير الوجداني نحو الآخرين.
نام کتاب : نمو الإنسان من مرحلة الجنين إلى مرحلة المسنين نویسنده : آمال صادق جلد : 1 صفحه : 212