الخضرة تعمّ أصنافه كلها، وأفضله ما كان (مشبع الخضرة) ذا رونقٍ وشعاع لا يشوبه سوادٌ، ولا صفرةٌ، ولا نمشٌ، ولا حرملياتٌ، ولا عروقٌ بيضٌ ولا تفوتٌ، وليس يكاد يخلص عنها، ودونه " الرّيحانيّ " الشّبيه بورق السّلق الطّريء. وأهل الهند والصّين تفضّل " الرّيحانيّ " منه، وترغب فيه: وأهل المغرب يرغبون لما كان مشبع الخضرة، وإن كان قليل الماء؛ ويزداد رونقاً، إذا دهن بزيت بزر الكتّان، وإذا ترك بدون دهنٍ، يذهب ماؤه.
ويمتحن بالعقيق المحدّد، فإن خدشه، فهو من أشباه الزّمرّد. ومعدنه بسفح جبلٍ في " شندة " من أرض البجاة، بصعيد مصر الأعلى، وأكثر ما يظهر منه خرزٌ مستطيلةٌ ذات خمسة أسطحةٍ، وتسمّى أقصاباً. - وثقبه يشينه، بعكس اللؤلؤ. وظهر في زماننا هذا، من هذا المعدن، قطعٌ لم يسمع بمثلها في العظم، ما يقارب زنة منٍّ، أو نحو ذلك. والمشهور أن الدّهنج يكدّر الزّمرّد، إذا ماسّه، ويذهب رونقه، وهو الآن بدون القيمة التي كانت في القديم بخلاف سائر الجواهر. وما ذلك إلاّ لكرته؛ فإنّ أبا الرّيحان البيرونيّ حكى أنّ زنة نصف مثقالٍ من الجيّد منه يساوي ألف دينارٍ. وقيل: إنّ منه صنفاً يعرف " بالذّبابيّ " لأنّه يشبه الذّباب الطاووسيّة اللون التي تكون في المروج الخضر، وإنّ من خاصيّة هذا الصنف، أنّ الافاعي إذا نظرته، تسيل أعينها، وأنا إلى الآن، لم أر هذا الصّنف، ولكنّني امتحنت الرّيحانيّ والسّلقّي في هذا الأمر، فلم يصحّ، ولا تغّيرت أعين الأفاعي بوجهٍ، وخاصيّة الزّمرّد، النفع من السّموم المشروبة، ونهش الأفاعي، ولدغ العقارب. يؤخذ من سحيقه تع شعيراتٍ، ويجد شاربه في بدنه وجعاً عظيماً، وانحلالاً في قوّته، ثم يفيق، وقد انتفع.
ويوقف الجذام في ابتدائه، ويقطع الإسهال المزمن، ونفث الدّم، شرباً وتعليقاً؛ ويقوّي المعدة، وينفع الصّرع تعليقاً؛ وإمساكه في الفم يقوّي الأسنان والمعدة؛ وإن علّق على فخذ المطلوقة، أسرعت الولادة. وإدمان النّظر إليه يجلو البصر، ويحدّه. وطبعه يابسٌ.
القول على
الزّبرجد
هو صنفٌ واحدٌ، فستقيّ الّلون، شفّافٌ، لكنه سريع الانطفاء، لرخاوته. وقيل: إنّ معدنه بالقرب من معدن الزّمرّد، ولكنه مجهولٌ في زماننا هذا، ومع ذلك، فقيمته نحو قيمة البنفش، وطبعه حارٌ، يابسٌ؛ وتقرب منافعه من منافع الزّمرّد، ويدفع شرّ العين.
القول على
الفيروزج
اسمه بالفارسيّة " النّصر " ولذلك يسمّى " حجر الغلبة "، ويسمّى أيضاً " حجر العين "، لأنّ حامله يدفع عنه شرّها. والشهور عنه، أنّه يدفع الصّواعق - وهو حجرٌ أزرق أصلب من اللازورد، يجلب من أعمال نيسابور؛ وكلّما كان أرطب فهو أجود. والمختار منه، ما كان من المعدن الأزهريّ، والبوسحاقيّ، لأنّه مشبع الّلون، صقيلٌ، شرقٌ، ثم الّلبنيّ المعروف " بشيرقام "؛ثم الاسمانجونيّ الغميق قال أبو الرّيحان: " أعظم ما وجد من الفيروزج وزن مائة درهمٍ. ولم يوجد من الخالص منه غير المختلط بشيء غيره، إلاّ وزن خمسة دراهم، وبلغت قيمته مائة دينار ".
قال الكنديّ: " وقد كرهه قومٌ بسبب تغيّره بالصّحو، والغيم. والرّياح، وتصفير الرواح الطّيّبة له. وإذهاب الحمّام لمائه. وإماتته بالزّيت؛ وكما أنّه يموت بالزّيت، كذلك يحيا بالشّحم والإلية. يعالج بأن يجعل في أيدي القصّابين ".
قال ابن زهرٍ: " إنّ الملوك تعظّم هذا الحجر، لأنّه يدفع القتل عن صاحبه، ولم ير فييد قتيل قطّ، ولا في يد غريقٍ. وإذا شرب منه، نفع لدغة العقرب ".
وقال الغافقيّ: " إنّه باردٌ، يابسٌ. " وقال ديسقوريدس: " إنّه يقبض نتوّ الحدقة، وينفع بثرها، ويجمع حجب العين المتخرّقة، ويجلو الغشاوة. " وقال أرسطو طاليس: " إنّه ينقّص هيبة حامله ".
وذكر هرمس: " أنّه إذا نقش عليه صورة طائر، فيه سمكةٌ، وجعل في خاتمٍ، وتحته شيءٌ من خصي الثّعلب، ويكون القمر وعطارد في " برج " الّور، فإنّ حامله يقوى على الجماع وتزداد شهوته له. " قال ابن أبي الأشعث: " إنّه يقوّي القلب، إلاّ أنّه دون الياقوت. " ووجدت نقلاً عن بعض الأطبّاء. " أنّه أقوى في تقوية النّفس من سائر الأحجار. "
القول على البلور