ومعدنه بقرب معدن الياقوت. وله معدنٌ بقرب غزنة، ومعدنٌ بمقدونية، من بلاد الروم. ولونه كلون النوشادر، ومعدنٌ باليمن. وهو حديديّ الّلون، ومعدنّ بقبرس، وهو فضيّ اللّون، رخوٌ.
ومن غريب حال الماس أنه إذا طرق بمطرقةٍ على سندانٍ، نكأ فيهما، ولا ينكسر. وإذا لف في صفيحة أسربٍ، وضرب، انكسر. وغالب ما يوجد منه قطعاً صغيرةً، بقدر الفلفل ونحوه. وكانت قيمة هذه قديماً المثقال بمائتي دينار؛ وما كان بقدر البندقية، أو قاربه، يكون قيمته من ثلثمائة دينارٍ، إلى خمس مائة دينارٍ.
وحكى نصرٌ الجوهريّ: أنّ معزّ الدّولة بن بويه الديلميّ أهدى إلى أخيه، ركن الدولة، من الماس فصّا، وزنه ثلثة مثاقيل، ولم يسمع بأعظم منه.
وأخبرني السيّد الشريف ناصر الدّين الزّمرّديّ: أنّه رأى عند السلطان قطب الدّين، ملك الهند، من الماس الجيّد، الجليل القدر، شيئاً كثيراً جدّاً، ولعلّهم لا يسمحون بخروج جيّده من أرضهم، لأنهم يتيمنون به.
قال أرسطو طاليس: الاس باردٌ يابسٌ في الرّابعة، يثقب به الياقوت وسائر الأحجار الصلبة، ومتى كان في مجرى البول حصاةٌ، فتلصق حبة ٌمن هذا الحجر في حديدةٍ كالقاثاطير، ثم يدخل قي القضيب لتماس الحصاة، فتفتّتها. ولا ينبغي أن يدخل الفم، فإنّه يكسر الأسنان، وإن ابتلع منه شيء، ربما قتل.
القول على الدرّ واللؤلؤ
الحيوان الّذي يتولّد فيه اللولؤ، هو بعض الأصداف؛ وهو دقيق القوائم، لزجٌ، ينفتح بإرادة منه، وينضمّ كذلك. ويمشي أسراباً، ويزدحم على المرعى. واختلفوا في تولّده في هذا الصّدف، فمنهم من قال إنّه يتكوّن فيه، كما يتكوّن البيض في الحيوان البيّاض. ذكر ذلك جمعٌ من المحقّقين.
وقيل: بل يطلع إلى سطح البحر في شهر نيسان، وينفتح الصدف، ويتلقى المطر، فينعقد حبّا. ذكره نصرٌ الجوهريّ، وكثيرٌ من الناس.
وأقول عند التّدقيق: لا تضادّ بين القولين، لجواز أن يكون تكوّن اللّؤلؤ في صدفه كتكوّن البيض، ويكون قطر نيسان له بمثابة النّطفة.
وقال الكنديّ: إنّ موضع اللّؤلؤ من هذا الحيوان، داخل الصدّف، وما كان منه يلي الفم، والأذن، فهو الجيّد منه.
وقالوا: إنّ الحبّ الكبير، إنّما يتكّون في حلقومه، ويزداد بالتفاف القشور عليه. والدّليل على ذلك. أنّه يوجد طبقاتٌ، والدّاخلة منها شبيهةٌ بالخارجة، وكلّها تشابه باطن الصّدف.
وله مغاصاتٌ مشهورةٌ في البحر الأخضر. ويوجد في مجازات تلك المغاوص، وبين تلك السّواحل. ومن المغاصات المشهورة " مغاص أوال " بالبحرينو " مغاص دهلك " و " السّرّين " و " مغاص الشّرجة " باليمن، و " مغاص القلزم " بجوار جبل الطوّر، و " مغاص غبّ سرنديب " و " مغاص سفالة الزّنج "، و " مغاص أسقطري ".
وقد يتفق في بعض المغاصات مانعٌ من الغوص كالحيوانات المؤذية الّتي في مغاص القلزم: ولهذا يدهن الغوّاصون عند الغوص أبدانهم بالميعة السّائلة، لأنّ الهواّ البحريّة لا تقربها. ويختلف اللّؤلؤ باختلاف المغاصات، من جهة تربة المكان، وغذاء الحيوان، كما تغلب الرصاصيّة على اللآلىء القلزميّة، والدهلكيّة.
والوقت الذّي يغاص فيه، هو من أوّل نيسان الرّوميّ إلى آخر شهر أيلول وفي ما عدا هذه المدّة، يسافر هذا الحيوان من السّواحل ويلجّج.
ويختلف اللّؤلؤ بالمقدار، فنه الكبار والصّغار، وما بين ذلك. وأعظم ما وجد منه " اليتيمية " الّتي كانت عند عبد الملك بن مروان. ذكر أنّها كان وزنها ثلثة مثاقيل. وكانت مع ذلك حائزةً لجميع صفات الحسن، مدحرجةً ونقيّةً، رطبةً رائعة، ولذلك سميت اليتيمة ولميذكر عها قيمة لكن ذكر الأخوان الرّازيّان أنّهما شاهدا في خزانة الأمير " يمين الدولة ". حبّةً ذات قاعدةٍ، وزنها مقالان وثلثٌ، وأنّها قوّمت بثلثين ألف دينارٍ. ويختلف اللّؤلؤ أيضاً من شكله: فمنه " المدحرج "، ويعرف " بالعيون "، وإذا كثرت استدارته، وماؤه، سمّي " نجماً ". ومنه " المستطيل الزّيتونيّ ". ومنه " الغلاميّ "، وهو المستدير القاعدة، المحددّ الرّأس، كأنّه مخروطٌ. ومنه " الفلكيّ " المفرطح، ومنه " الفوفليّ "، و " اللّوزيّ "، و " الشّعيريّ ".، ومنه " المضرّس "، وهو أدونها شكلاً.