responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مناهج البحث في العلوم السياسية نویسنده : محمد محمود ربيع    جلد : 1  صفحه : 32
من الرغبة المجردة في طلب المعرفة. على العكس من ذلك، فإن حكماء الشرق القديم في رأيهم يسعون إلى المعرفة كضرورة لسد حاجة عملية, أو إشباع عقيدة دينية.
فالمصريون في رأي هؤلاء المؤرخين استخدموا الرياضيات في مسح الأرض وشق الترع, واستعانوا بالرياضيات والميكانيكا على إقامة الأهرامات لحفظ جثث الموتى؛ اعتقادا منهم في خلود النفس وحساب الآخرة. كما سخروا الكيمياء لاستخراج العطور والأصباغ والألوان لأغراض تسجيلية ودينية. أما اليونان فهم الذين أنشئوا في رأيهم هذه العلوم في صورتها النظرية الخالصة, فتجاوزوا مرحلة الأمثلة الفردية المحسوسة في الرياضيات إلى مرحلة التعاريف والبراهين, وبذلك توصلوا إلى القوانين والنظريات التي تستند إلى البرهان العقلي.
ثم فسر المؤرخون سبق البابليين والكلدانيين في رصد الكواكب وإنشاء علم الفلك العملي بأنهم كانوا بدورهم مدفوعين بأغراض عملية كمعرفة فصول الزراعة, ومواسم التجارة. أما اليونان فهم الذين أقاموا علم الفلك النظري, ورصدوا الكواكب لمعرفة القوانين ووضع النظريات التي تعلل ظهورها, واختفاءها.
كانت تلك إذًا هي العوامل التي تكمن خلف ازدهار العلوم التجريبية, ومناهجها من وجهة نظر مؤرخي الفلسفة الغربية الذين عزوا التفكير النظري المجرد أيضا إلى أسباب مشابهة. فحكماء الشرق القديم أرادوا بذلك التفكير إصلاح الدين والنجاة من الشرور بمعنى أن النظر العقلي بدوره كان وسيلة, وليس غاية في حد ذاته كما امتزج في مناهج بحثهم الاستدلال العقلي بالخيال والبداهة, واختلط في تفكيرهم الدين بالفلسفة، فهم لم يجردوا الفلسفة من الدين, ويعالجوا موضوعاتها لذاتها مما أدى في نظر هؤلاء المؤرخين إلى عجزهم عن وضع مذاهب تجمل الحقائق التي يتوصلون إليها بالبرهان العقلي.
خلاصة رأيهم هي أن الشرق كان له فضل إنشاء الحضارات الإنسانية الأولى, بينما كان كل من العلم والفلسفة بمعناهما النظري من إبداع اليونان. يقول برتراند راسل في ذلك: إن اليونان وليس قدماء الشرقيين هم الذين أنشئوا

نام کتاب : مناهج البحث في العلوم السياسية نویسنده : محمد محمود ربيع    جلد : 1  صفحه : 32
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست