نام کتاب : مناهج البحث في العلوم السياسية نویسنده : محمد محمود ربيع جلد : 1 صفحه : 219
فعل متساوٍ لها نفس الأثر في سير الأحداث, وهو ما يمكن ملاحظته على وجه الخصوص بالنسبة لآرائه في الدين التي تشغل أحيانا قلب المناقشة.
إن الميزة الكبيرة لكتابات ابن خلدون هي طابعها العلمي الذي يستبعد إمكان تمتع أي عامل بمفرده بطبيعة أو صفة مطلقة, ويفترض بدلا من ذلك وجود تأثير نسبي, وردود فعل متبادلة[1].
من الأمثلة المتعددة على ذلك في مقدمته شرحه للعلاقات المتشابكة التي تربط بين طريقة المعيشة وأسلوب الفكر وانتشار العلوم. فكل تطور مادي يأتي معه برد فعل مماثل في العلاقات الاجتماعية، ومناهج سلوك متباينة تجاه المسائل الزمنية والدينية.
هذا التطور المادي سيؤدي إلى زيادة في المهن وفي تقسيم العمل. وكل مهنة تؤثر في النفس والذهن, وتفتح آفاق العقل. يشجع هذا على زيادة انتشار العلوم وازدهارها الذي يزيد الإنسان بالتالي "ذكاء في عقله, وإضاءة في فكره بكثرة الملكات الحاصلة للنفس"[2].
لا نستطيع أن نعثر في هذا التحليل الديناميكي على أي فصل تحكمي بين الوسائل والأهداف. فإذا كان تقدم العلوم والمعرفة هو نتيجة لسبب مادي, أي: إذا كان الوصول إلى الهدف تم بوسيلة مادية, فإن نفس هذه النتيجة أو الهدف تلعب دور الوسيلة في مرحلة أعلى هي تغيير, وتهذيب أسلوب التفكير.
ولا تتوقف سلسلة ردود الفعل المتبادلة عند هذا الحد؛ لأن الفكر المتطور الذي جاء نتيجة لتفاعل سابق يلعب الآن دور السبب, أو الوسيلة فيصير حافزا [1] M. M. Rabie, The Political theory of lbn Khaldun, op. cit., pp. 42, 43.
كذلك محمد محمود ربيع "منهج ابن خلدون في علم العمران" مرجع سابق، ص230. [2] المرجع السابق، ص230، عبد الرحمن بن خلدون، المقدمة, طبعة الدكتور علي عبد الواحد، القاهرة 1957، الطبعة الأولى، ص989.
نام کتاب : مناهج البحث في العلوم السياسية نویسنده : محمد محمود ربيع جلد : 1 صفحه : 219